نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 141
السبب ، فقال الأمر أعجل أن أبّين سببه . فركب وأركب العسكر ، فلم يستتمّوا الركوب إلا والعدوّ قد دهمهم ، وقد استعدّوا له فكانت النّصرة لهم على العدوّ . فلما انقضى الحرب سأل قحطبة خالدا من أين أدرك ذلك ؟ فقال : رأيت الظَّباء وقد أقبلت حتّى خالطت العسكر ، فعرفت أنها لم تفعل ذلك مع نفورها من الإنس إلا لأمر عظيم قد دهمها من ورائها » . وأن لا يكتب عن الملك إلا ما يقيم منار دولته ويعظَّمها ، ولا يخرج عن حكم الشريعة وحدودها ، ولا يكتب ما يكون فيه عيب على المملكة ولا ذمّ لها على غابر الأيام ، ومستأنف الأحقاب ؛ وإن أمر بشيء يخرج عن ذلك ، تلطَّف في المراجعة بسببه ، وبيّن وجه الصواب فيه إلى أن يرجع به إلى الواجب . وأن يكون من كتمان السرّ بالمنزلة التي لا يدانيه فيها أحد ، ولا يقاربه فيها بشر ، حتى يقرّر في نفسه إماتة كل حديث يعلمه ويتناسى كلّ خبر يسمعه . وأن لا يطلع والدا ولا ولدا ، ولا أخا شقيقا ، ولا صديقا صدوقا ، على ما دقّ أو جلّ ، ولا يعلمه بما كثر منه ولا قلّ ، ويتوهم بل يتحقق أن في إذاعته ما يعلم به وضع منزلته وحطَّ رتبته ، ويجتهد في أن يصير له ذلك طبعا مركَّبا وأمرا ضروريا . قلت : وهذه الصفة هي الشرط اللازم ، والواجب المحتّم : بها شهر ، وبالإضافة إليها عرف . وقد قال المأمون وهو من أعلى الخلفاء مكانا ، وأوسعهم علما : « الملوك تحتمل كلّ شيء إلا ثلاثة أشياء : القدح في الملك ، وإفشاء السّر ، والتعرّض للحرم » . ومن كلام بعض الحكماء : « سرّك من دمك » قال صاحب العقد : يعنون أنه ربّما كان في إفشاء سرك سفك دمك . وإلى ذلك يشير أبو محجن الثقفيّ بقوله : < شعر > قد أطعن الطَّعنة النّجلاء عن عرض وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق < / شعر > وقال الوليد بن عتبة لأبيه : « إن أمير المؤمنين أسرّ إليّ حديثا أفلا أخبرك به ؟ قال يا بنيّ : إنّ من كتم سرّه كان الخيار له ومن أفشاه كان الخيار عليه ؛
141
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 141