نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 142
فلا تكن مملوكا بعد أن كنت مالكا » . وقد كانت ملوك الفرس تقول : « أعظم الناس حقّا على جميع الطَّبقات من ولي أسرار الملوك » . واعلم أنه إذا كان إفشاء السر ربما أفضى إلى الهلكة ، خصوصا أسرار الملوك ، فعلى صاحب هذه الوظيفة القيام من ذلك بواجبه وكتمان السرّ حتى عن نفسه ، فقد حكى صاحب « الريحان والرّيعان » : أن عبد اللَّه بن طاهر [1] تذاكر الناس في مجلسه حفظ السر ، فقال عبد اللَّه : < شعر > ومستودعي سرّا تضمّنت ستره فأودعته في مستقر الحشا قبرا < / شعر > فقال ابنه عبيد اللَّه ، وهو صبيّ : < شعر > وما السّرّ من قلبي كثاو بحفرة لأنّي أرى المدفون ينتظر الحشرا ولكنني أخفيه حتى كأنّني من الدّهر يوما ما أحطت به خبرا < / شعر > وعلى صاحب هذه الرتبة الاحتياط حالة تلقّي السرّ عن الملك بأن لا يتلَّقاه عنه بحضرة أحد . فقد حكي أنّ بعض ملوك العجم استشار وزيريه ، فقال أحدهما : « لا ينبغي للملك أن يستشير منّا أحدا إلا خاليا فإنه أموت [2] للسّر وأحرم للرأي وأجدر بالسلامة وأعفى لبعضنا من غائلة بعض ، فإن إفشاء السر إلى رجل واحد أوثق من إفشائه إلى اثنين وإفشاؤه إلى ثلاثة كإفشائه إلى جماعة ، لأن الواحد رهن بما أفشي إليه . والثاني مطلق عليه ذلك الرهن . والثالث علاوة ، وإذا كان السر عند واحد كان أحرى أن لا يظهره رغبة أو رهبة ، وإن كان عند اثنين كان على شبهة واتسعت عن [3] الرجلين
[1] أمير خراسان . من أشهر الولاة في العصر العباسي . توفي سنة 230 ه . ( الأعلام 4 / 93 ) . [2] استبدل محقق الطبعة الأميرية هذا اللفظ الموجود في الأصول بلفظ « أصون » . ولا نرى حاجة لا فتراض التصحيف لأن لفظ « أموت » يفيد المعنى المطلوب من الزيادة والاحتياط في كتمان السرّ لدرجة اماتته . [3] لعل الأظهر : على .
142
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 142