نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 113
ومنها : أن يجري في الحال في مجالسه على ما يعود بوفائه وإرادته : فإن مال إلى الانبساط أطلق عنانه فيه إطلاق المتجنّب للهجر [1] والفحش ، ورفث [2] القول تابعا لإيثاره ، قاضيا لأوطاره . وإن أظهر الانقباض ذهب مذهبه في ذلك ، ولا ينبغي أن يخالفه في حال من أحواله ؛ فإنّ من شروط هذه الخدمة أن يتصرف صاحبها في كل ما يصرّف فيه ، ويسرع الانقياد إلى كل ما يدعى إليه ، ولا يكثر من الدعاء لرئيسه والثناء عليه والشكر على ما يوليه من العوارف فإن مثل ذلك يستثقل . ومنها : أن لا يحضر سلطانه في ملابسه التي جرت العادة أن ينفرد بها كالوشي ونحوه ؛ إلا أن يكون هو الذي يشرّفه بها ، وأن يقتصد في لباسه : فينحطَّ عما يلبسه سلطانه ويرتفع عما يلبسه السّوقة ، ويصرف عنايته إلى التنظَّف والتعطَّر ، وقطع الرائحة الكريهة من العرق وغيره ، حتّى لا تقع عين رئيسه على دنس في أثوابه ، ولا يجد منه كريه رائحة في حال دنّوه منه ؛ ويواصل استعمال الطيب والبخور الفائق والتضمّخ بالمسك ؛ فإن الملوك ترى أن من أغفل تعهّد نفسه كان لغيرها أشدّ إغفالا . ومنها : أن يتجنب التفاصح والتعمّق في مخاطبة رئيسه ، والافتخار عليه بالبلاغة والبيان : لما في ذلك من الترفع عليه في الكلام ، بل يجعل ما يلقيه إليه ضمن ألفاظ تدلّ على معانيها بسهولة مع غضّ من صوته ، وخفض من طرفه ، وسكون من أعضائه : لأنه إنما يتسامح بالإتيان بالفصاحة والذّهاب بمذهب الجزالة للخطباء الذين يثنون على الملوك في المواقف العامّة ضرورة احتياجهم إلى استعمال ألفاظ تقع في الأسماع أحسن المواقع . ومنها : أنه إذا تميز عند رئيسه وارتفعت رتبته لديه أن يجمل القول في خاصّته وعامّته ، ويحسن الوساطة لحاشيته ورعيته ، ويتجنب القدح عنده في
[1] القبيح من الكلام . ( اللسان 5 / 253 ) . [2] رفث في كلامه أي أفحش . ( اللسان 2 / 154 ) .
113
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 113