responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 112


غيبته . ولا ينهمك في الملاذّ انهماك الآمن بل يقف عند الحدّ الذي يبقي فيه فضلة لعوارض السلطان ومهمّاته الحادثة في آناء الليل ، وساعات النهار . فإن تعبه في صلاح زمانه وراحة سلطانه مستبق لنعمته ، مستدع لزيادته . ولا يشتغل بكبير الأمور عن صغيرها ، ولا يبتهج بما أصلحه منها حتّى ينظر في عواقبه ، ويسوس ما ردّ إليه بالسياسة الفاضلة : فيلين في غير ضعف ، ويشتدّ في غير عنف ، ويعفو عن غير خور ، ويسطو من غير جور ، ويقرّب بغير تدلَّه ، ويبعد بغير نكر ، ويخصّ في غير مجازاة ، ويعمّ في غير تضييع ، فلا يشقى به الحقّ وإن كان عدوّا ، ولا يسعد به وإن كان وليّا .
ومنها : إذا حضر بين يدي سلطانه أو رئيسه في المجلس الخاصّ أو العامّ أن يعتمد مقابلته بالإجلال والإعظام ، والتوقير والإكرام ؛ ولا يحمله تأكد الخدمة وتطاول الصحبة على إهمال ذلك بل يحفظ رسمه ، ولا يغيّر عادته .
ومنها : أن يتخير لخطابه في الأغراض والأوطار أوقاتا يعلم خلوّ سرّه فيها ، وفراغ باله ، وانشراح صدره ، وارتفاع الأفكار عن خاطره : إلا إن كان ما يخاطبه فيه أمرا عائدا بانتظام سلطانه ، واستقامة زمانه ، داخلا في مهمات أعماله التي متى أخّرها نسب إلى التقصير ؛ فيقدّم الكلام فيها خفّ أو ثقل .
وإذا خاطبه رئيسه من سلطان أو غيره في أمر من الأمور ، فعليه أن يرعيه عينه ، وينصت إليه سمعه ، ويشغل به فكره ، ولا يستعمله فيما يعوقه عنه حتّى يستوعب ما يلقيه إليه ، ويجيبه عنه أحسن الجواب ، ولا يلتفت في حال إقباله عليه إلى غيره ، ولا يصغى إلى كلام متكلم ، ولا حديث متحدّث ، حتّى لو امتحنه باستعادة ما فاوضه فيه وجده قد أحرز جميعه ؛ فإن التقصير في ذلك مما ينكره الملوك والرؤساء ، ويستدلَّون به على ضعف المخاطب . وإن كان فيما خاطبه فيه أمر يحتمل التأخير بادر بالاعتذار عنه : لئلا ينسب إلى التقصير بتأخيره عند الكشف عنه ؛ وإن كان فيه ما يخالف الصواب أمضاه ، وإن تعذر السبيل إلى فعله لم يظهر التقاعس عنه لتخطئته ، بل يقابله بالاستصواب ، ثم يتلطف في تعريفه مكان الخطإ فيما رآه .

112

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست