نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 117
والشّحناء ، وينقلهم عما تسرع إليه الطَّباع الرديئة : من الحسد والإيذاء إلى التألَّف والمودّة . وقد أدّب اللَّه تعالى نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بقوله تعالى : * ( ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) * » [1] . الضرب الخامس آداب عشرة من يمتّ إليه بحرمة ، كالجار ، والقاصد ، والآمل ، والمدلّ بحقّ المفاوضة ، والمطاعمة ، والمحاضرة ، والسلام والمعرفة في الصّبا ، والصداقة بين الآباء وغير ذلك من الحرم التي لا يطَّرحها أهل المروءات قال ابن خلف : « وينبغي أن يوفيهم حقوقهم ، وينهض بما يسنح من أوطارهم ومهمّاتهم ، ويعينهم على ما يحدث من نوائب زمانهم ، ويسعد في بلوغ مطالبهم من سلطانهم ، ولا يضنّ عليهم بجاه ولا مال ، ولا يخيّب أمل آملهم ولا قصده ، ويفرض لهم من إذعانه واعتنائه ما يعزّ جانبهم ، ويسهّل مآربهم ، ويكفّ الضيم والظلم عنهم ، ويبسط العدل والإنصاف عليهم ، فإنه إذا التزم ذلك لهم التزموا له الإعظام والإجلال ، وأطلقوا ألسنتهم بالثناء عليه ، والاعتداد بأياديه ، وأشاعوا ذلك بين أمثالهم فاجتلبوا له مودّتهم وتعصّبهم له » . قلت : ومن تمام آداب الكاتب وكمالها أن يعرف حقوق مشايخ الصناعة وأئمتها الذين فتحوا أبوابها ، وذلَّلوا سبلها ، وسهّلوا طرقها ، ويعاملهم بالإنصاف فيما أعملوا فيه خواطرهم ، وأتعبوا فيه رويّاتهم فينزلهم منازلهم ولا يبخسهم حقوقهم . فمن آفات هذه الصنعة على ذوي الفضل من أهلها أن القاصر منهم لا يمتنع من ادّعاء منزلة المبرّز بل لا يعفيه من ادّعاء التقدم في الفضل عليه ، والمبرّز في الفضل لا يقدر على إثبات نقص المتخلَّف * ( والله يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) * [2] .