responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 118


ثم أصل هذه الآداب الذي ترجع إليه ، وينبوعها الذي تفجّرت منه ، رسالة عبد الحميد بن يحيى الكاتب ، التي كتبها إلى الكتّاب يوصيهم فيها ، وهي :
أما بعد ، حفظكم اللَّه يا أهل صناعة الكتابة ، وحاطكم ووفّقكم وأرشدكم ! فإن اللَّه عز وجل جعل الناس بعد الأنبياء والمرسلين ، صلوات اللَّه عليهم أجمعين . ومن بعد الملوك المكرمين أصنافا ، وإن كانوا في الحقيقة سواء ، وصرّفهم في صنوف الصناعات ، وضروب المحاولات ألى أسباب معايشهم ، وأبواب أرزاقهم ، فجعلكم معشر الكتّاب في أشرف الجهات أهل الأدب ، والمروءة ، والعلم ، والرواية ، بكم تنتظم للخلافة محاسنها ، وتستقيم أمورها ، وبنصائحكم يصلح اللَّه للخلق سلطانهم ، وتعمر بلادهم . لا يستغني الملك عنكم ، ولا يوجد كاف إلا منكم ، فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون ، وأبصارهم التي بها يبصرون ، وألسنتهم التي بها ينطقون ، وأيديهم التي بها يبطشون ، فأمتعكم اللَّه بما خصّكم من فضل صناعتكم ولا نزع عنكم ما أضفاه من النّعمة عليكم ! وليس أحد أحوج إلى اجتماع خلال الخير المحمودة ، وخصال الفضل المذكورة المعدودة ، منكم أيّها الكتاب ، إذا كنتم على ما يأتي في هذا الكتاب من صفتكم فإن الكاتب يحتاج من نفسه ، ويحتاج منه صاحبه الذي يثق به في مهمّات أموره أن يكون حليما في موضع الحلم ، فهيما في موضع الحكم ، ومقداما في موضع الإقدام ، ومحجما في موضع الإحجام ، مؤثرا للعفاف ، والعدل والإنصاف ، كتوما للأسرار ، وفيّا عند الشدائد ، عالما بما يأتي من النوازل ، ويضع الأمور مواضعها ، والطوارق أماكنها . قد نظر في كل فنّ من فنون العلوم فأحكمه ، فإن لم يحكمه أخذ منه بمقدار يكتفي به ، يعرف بغريزة عقله ، وحسن أدبه ، وفضل تجربته ، ما يرد عليه قبل وروده ، وعاقبة ما يصدر عنه قبل صدوره ؛ فيعدّ لكل أمر عدّته وعتاده ، ويهيىء لكل وجه هيئته وعادته .
فتنافسوا يا معشر الكتّاب ، في صنوف الآداب ، وتفقّهوا في الدّين ، وابدأوا

118

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست