responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 183


ولنعد إلى ذكر السلطان محمود ، قال ابن الأثير : بلغ من عدل نور الدين الشهيد ، أنه أوّل من بنى دارا لكشف الظلامات ، وسماها دار العدل ، وسببه أنه لما أقام بدمشق بأمرائه وفيهم أسد الدين [1] شيركوه ، تعدى كل منهم على من جاوره ، فكثرت الشكاوى إلى القاضي كمال الدين السّهروردي [2] ، فأنصف بعضهم من بعض ، ولم يقدر على الإنصاف من شيركوه ، لأنه كان أكبر الأمراء فبلغ ذلك نور الدين الشهيد ، فأمر ببناء دار العدل ، فلما سمع شيركوه قال لنوّابه : ما بنى نور الدين هذه الدار إلا بسببي ، وإلا فمن يمتنع على القاضي كمال الدين ؟ واللَّه لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب أحد منكم لأصلبنه ! فامضوا إلى كل من كان بينكم وبينه شيء فافصلوا الحال معه ، وأرضوه ، ولو أتى على جميع ما بيدي . قال : فظلم رجل بعد موت نور الدين الشهيد فشق ثوبه واستغاث : يا نور الدين فاتصل خبره بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فأزال ظلامته فبكى الرجل أشد من الأول ، فسئل عن ذلك فقال : أبكي على سلطان عدل فينا بعد موته .
وتوفي نور الدين الشهيد في شوّال سنة تسع وستين وخمسمائة بقلعة دمشق بعلة الخوانيق ، وكان الأطباء قد أشاروا عليه بالفصد فامتنع ، وكان مهيبا فما روجع ودفن بالقلعة . ثم نقل إلى تربته بمدرسته التي أنشأها عند باب سوق الخوّاصين . والدعاء عند قبره مستجاب وقد جرب ، وكان رحمه اللَّه ، ملكا عادلا عابدا ورعا متمسكا بالشريعة ، مائلا إلى أهل الخير مجاهدا ، كثير الصدقات بنى المدارس بجميع بلاد الشأم ، والمارستان بدمشق ، ودار الحديث بها وبنى بمدينة الموصل الجامع النوري ، وبحماة الجامع الذي على نهر العاصي ، وبني الرباطات للصوفية والفنادق في المنازل ، وأثر في الإسلام آثارا حسنة لم يسبق إليها وانتزع من أيدي الكفار نيفا وخمسين مدينة ، ومحاسنه كثيرة رحمه اللَّه تعالى .
وتوفي السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة بها ، قال [3] ابن خلكان : ولما مات كتب القاضي الفاضل [4] ساعة موته بطاقة إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب ، مضمونها : لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة إن زلزلة الساعة شيء عظيم ، كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن اللَّه عزاءه ، وجبر مصابه ، وجعل فيه الخلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالا شديدا وقد حفرت الدموع المحاجر ، وبلغت القلوب الحناجر ، وقد ودّعت أباك مخدومي وداعا لا تلاقي بعده وقبلت عني وعنك خده وأسلمته إلى اللَّه عز وجل مغلوب الحيلة ، ضعيف القوّة راضيا عن اللَّه ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه ، وبالباب من الأجناد المجندة والأسلحة والأعمدة ما لا يردّ البلاء ، ولا يملك دفع القضاء وتدمع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا عليك لمحزونون يا يوسف ، وأما الوصايا فلا



[1] هو أبو الحارث شيركوه بن شاذي بن مروان ولقبه أسد الدين الملك المنصور وهو عم صلاح الدين الأيوبي تولى الوزارة في مصر ومات سنة 564 ه بالقاهرة .
[2] السّهروردي : يحيى بن حبش بن أميرك ، أبو الفتوح ، قتل في حلب سنة 587 ه - .
[3] وفيات الأعيان : 7 / 139 .
[4] القاضي الفاضل ، أبو علي عبد الرحيم بن القاضي الأشرف بهاء الدين ، اللخمي العسقلاني وزر للسلطان الناصر صلاح الدين ، وبرز في صناعة الإنشاء وله شعر . مات سنة 596 ه - .

183

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست