responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 182


بإسمك أللهم فاطر السموات والأرض ، وصلى اللَّه على السيد المسيح روح اللَّه وكلمته الرسول الفصيح .
أما بعد : فإنه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب ، ولا ذي عقل لازب ، أنك أمير الملة الحنيفية ، كما أني أمير الملة النصرانية ، وقد عملت الآن ما عليه رؤساء الأندلس من التخاذل ، والتواكل والتكاسل ، واهمالهم أمر الرعية ، واخلادهم إلى الراحة والأمنية ، وأنا أسوسهم بحكم القهر وجلاء الديار ، وأسبي الذراري وامثل بالرجال ، وأذيقهم عذاب الهون وشديد النكال ، ولا عذر لك في التخلف عن نصرتهم إذا أمكنتك يد القدرة ، وساعدك من عساكرك وجنودك ذو رأي وخبرة ، وأنتم تزعمون أن اللَّه تعالى قد فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم ، والآن خفف اللَّه عنكم وعلم أن فيكم ضعفا رحمة منه ومنا ، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا لا تستطيعون دفاعا ، ولا تملكون امتناعا ، وقد حدثنا عنك إنك أخذت في الاحتفال ، وأشرفت على ربوة القتال ، وتماطل نفسك سنة بعد أخرى ، وتقدم رجلا وتؤخر أخرى ، فلا أدري أكان الجبن أبطأ بك ، أم التكذيب بوعد ربك ؟ ثم قيل لي : إنك لا تجد إلى جواز البحر سبيلا ، ولعله لا يسوغ لك التقحم فيه سبيلا ، وها أنا أقول لك ، ما فيه الراحة لك ، واعتذر عنك ولك ، على أن تفي بالعهود والمواثيق ، والاستكثار من الرهان ، وترسل إلي جملة من عبيدك بالمراكب والشواني ، والطرائد والمسطحات ، وإلا جزت بجملتي إليك ، فأقاتلك في أعز الأماكن لديك ، فإن كانت لك فغنيمة كبيرة جلبت إليك ، وهدية عظيمة مثلت بين يديك وإن كانت لي كانت لي اليد العليا عليك ، واستحقيت إمارة الملتين ، والحكم على البرين ، واللَّه يوفق للسعادة ، ويسهل الإرادة لا رب غيره ، ولا خير إلا خيره .
فمزق يعقوب الكتاب وكتب على قطعة منه * ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها ، ولَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وهُمْ صاغِرُونَ ) * [1] الجواب ما ترى لا ما تسمع واستشهد ببيت المتنبي :
< شعر > ولا كتب إلا المشرفيّة عنده ولا رسله إلا الخميس العرموم [2] < / شعر > ثم أمر بكتب الاستنفار ، واستدعى الجيوش من الأمصار ، وضربت السرادقات من يومه بظاهر البلد ، وسار إلى البحر المعروف بزقاق سبته فعبر فيه إلى الأندلس ، ودخل بلاد الفرنج فكسرهم كسرة شنيعة ، وعاد بغنائمهم . وكان الأمير يعقوب متمسكا بالشرع يأمر بالمعروف ، ويقيم الحدود في أهل بيته ، كما يقيمها في الناس أجمعين وأمر برفض فروع الفقه ، وأن الفقهاء لا يفتون إلا بالكتاب العزيز والسنة النبوية ، ولا يقلدون أحدا ، وأن تكون أحكامهم بما يؤدّي إليه اجتهادهم ، من استنباطهم القضايا من الكتاب والحديث ، والإجماع والقياس .
وقد وصل إلينا من المغرب جماعة على تلك الطريقة منهم : أبو عمرو وأبو الخطاب ابنا دحية ومحيي الدين بن عربي الصوفي ، « صاحب الفصوص » . « والفتوحات المكية » . « وعنقاء مغرب » . وغيرهم . وتوفي الأمير يعقوب في سنة تسع أو عشر وستمائة رحمة اللَّه تعالى عليه .



[1] سورة النحل : الآية 37 .
[2] البيت في ديوان المتنبي : 2 / 352 وفيه : « ولا رس » .

182

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست