responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 113


ومن غريب ما اتفق لهارون الرشيد ، إن أخاه موسى الهادي ، لما ولي الخلافة ، سأل عن خاتم عظيم القدر كان لأبيه المهدي فبلغه أن الرشيد أخذه ، فطلبه منه فامتنع من إعطائه ، فألح عليه فيه ، فحنق عليه الرشيد ومر على جسر بغداد فرماه في الدجلة . فلما مات الهادي وولي الرشيد الخلافة أتى ذلك المكان بعينه ، ومعه خاتم رصاص ، فرماه في ذلك المكان ، وأمر الغطاسين أن يلتمسوه ، ففعلوا فاستخرجوا الخاتم الأول . فعد ذلك من سعادة الرشيد وإبقاء ملكه . ونظير هذا ما حكاه ابن الأثير في حوادث سنة ستين وخمسمائة ، قال : لما فتح السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، قلعة بانياس وأخذها من الفرنج ، ملأها ذخائر وعدة ورجالا ، ثم عاد إلى دمشق ، وفي يده خاتم بفص ياقوت ، قيمته ألف ومائة دينار ، فسقط من يده في شجرة بانياس ، وهي كثيرة الأشجار ملتفة الأغصان فلما بعد عن المكان الذي ضاع فيه الخاتم ، علم به فأعاد بعض أصحابه في طلبه ودلهم على مكانه ، وقال : أظنه هناك سقط فرجعوا إليه فوجدوه .
انتهى .
وكان الرشيد ، مع عظم ملكه ، يعتريه خوف اللَّه تعالى ، فمن ذلك ما ذكره الإمام العلامة محمد بن ظفر وغيره أن خارجيا خرج عليه فقتل أبطاله ، وانتهب أمواله مرارا ، ثم إنه جهز إليه مرة جيشا كثيفا ، فقاتلوه فغلبوه ، بعد جهد وأمسكوه وأتوا به الرشيد فجلس مجلسا عاما ، وأمر بإدخاله عليه فلما مثل بين يديه قال له : يا هذا ما تريد أن أصنع بك ؟ قال : ما تريد أن يصنع اللَّه بك إذا وقفت بين يديه ، فعفا عنه وأمر بإطلاقه . فلما خرج قال بعض جلسائه : يا أمير المؤمنين رجل قتل أبطالك وانتهب أموالك تطلقه بكلمة واحدة تأمل هذا الأمر ، فأنه مما يجرىء عليك أهل الشر . فقال الرشيد : ردوه فعلم الرجل أنه قد تكلم في أمره ، فقال : يا أمير المؤمنين لا تطعهم ، فلو أطاع اللَّه فيك الناس ما ولاك طرفة عين . قال : صدقت . ثم أمر له بصلة وصرفه . وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى ، ما اتفق له مع الفضيل بن عياض ، وسفيان الثوري في باب الباء الموحدة والفاء .
وتوفي الرشيد في سنة ثلاث وتسعين ومائة بطوس ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة وهو ابن سبع وأربعين سنة وقيل خمس وأربعين . وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وشهرا وقيل ثلاثا وعشرين فقط . وولد بالرى وكان جوادا ممدوحا غازيا مجاهدا شجاعا مهيبا مليحا أبيض طويلا عبل [1] الجسم ، قد وخطه الشيب يقال إنه منذ استخلف كان يصلي كل يوم وليلة مائة ركعة ويتصدق من خالص ماله بألف درهم وكان له معرفة جيدة بالعلوم .
خلافة محمد الأمين وهو السادس فخلع وقتل كما سيأتي ثم قام بالأمر بعده ابنه محمد الأمين . بويع له بالخلافة يوم توفي والده بطوس واستناب أخاه المأمون على ممالك خراسان ، وهو إذ ذاك ببغداد فورد بها عليه خاتم الخلافة والبردة والقضيب ، ثم بويع له بها البيعة العامة وفي سائر الآفاق . وكان الرشيد قد جدد البيعة بطوس بولاية العهد لابنه المأمون بعد الأمين ، وأشهد على نفسه أن جميع ما معه من مال وسلاح وغير ذلك ، للمأمون وأوصى أن



[1] العبل : الضخم .

113

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست