نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 111
ابن العميد واستمر على هذا الوزراء من بعده ، إلى زمننا قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي وغيره : أن السفاح خطب يوما فسقطت العصا من يده ، فتطير بذلك ، فقام شخص من أصحابه ومسح العصا وناوله إياها وأنشد [1] : < شعر > فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر < / شعر > فسرّي عنه ، وذكر ابن خلكان في ترجمته [2] ، أنه نظر يوما في المرآة ، وكان من أجمل الناس وجها فقال : اللهم إني لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك ، ولكني أقول : اللهم عمرني طويلا في طاعتك ، متمتعا بالعافية ، قال : فما استتم كلامه ، حتى سمع غلاما يقول لغلام آخر : الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام ، فتطير من كلامه . وقال : حسبي اللَّه ولا حول ولا قوة إلا باللَّه عليه توكلت وبه استعنت فما مضت الأيام المذكورة حتى أخذته الحمى فمرض ومات ، بعد شهرين وخمسة أيام بالجدري ، بالأنبار بمدينته التي بناها وسماها الهاشمية . وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة ونصف سنة وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر . وكان أبيض مليحا جميلا حسن اللحية والهيئة . خلافة أبي جعفر المنصور ثم قام بالأمر بعده أخوه أبو جعفر ، عبد اللَّه بن محمد المنصور . بويع له بالخلافة يوم وفاة أخيه ، بعهد منه . وكان السفاح قد ولاه إمرة الحج فأتته الخلافة بمكان يعرف بالصافية ، فقال : صفا أمرنا إن شاء اللَّه تعالى . فبايعه الناس وحج بهم فلما رجع ودخل الهاشمية بايعه الناس البيعة العامة . وإنه حج ثانيا فلما قرب من مكة رأى على جدار سطرين مكتوبين وهما [3] : < شعر > أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت سنوك وأمر اللَّه لا بد واقع أبا جعفر هل كاهن أو منجم لك اليوم من ريب المنية دافع < / شعر > فلما قرأهما تيقن انقضاء أجله فمات بعد ثلاثة أيام وكان قد رأى في نومه قبل موته قائلا يقول [4] : < شعر > كأني بهذا القصر قد باد أهله وعّري منه أهله ومنازله وصار رئيس القوم من بعد بهجة إلى جدث تبنى عليه جنادله < / شعر > وكانت وفاته في سنة ثمان وخمسين ومائة ، ببئر ميمونة على أميال من مكة ، وهو محرم بالحج وهو ابن ثلاث وستين سنة . وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما . وأمه بربرية ، وكان طويلا أسمر نحيفا ، خفيف اللحية رحب الجبهة ، كأن عينيه لسانان ،