يريده الإسلام منطلقاً لبناء إنسانية الإنسان ، وإلى أن يحقق له السعادة بأبهى مظاهرها ، ويوصله إلى أجلّ الأهداف و أسماها . ولذلك أوكل هذا الأمر إلى النبي والإمام ، والحاكم المتصدي . . القادر على التخطيط ، وعلى التنفيذ ، وعلى إلزام الناس بالخطة التي تُحفَظُ بها الأهداف والمصالح المتوخاة . . فإنه هو الذي يتولاه ، ويشرف عليه من البداية إلى النهاية . المركز . . والمحور : ولذلك كان الرسول « صلى الله عليه وآله » هو الذي يتولى التخطيط بنفسه ، فأسس المسجد أوّلاً ، واعتبره المركز للمدينة الذي تنشدّ إليه الأنظار ، وتحوم حوله القلوب ، وتبدأ منه الحركة العامة في المدينة ، وتنتهي إليه ، ثم أسس مسجد قباء ومساجد أخرى . . وجعل مركز المدينة هذا ، هو موضع استقرار القيادة والسيطرة ، ومحل القرار . . التصدي العملي : وكان الأنصار قد منحوا الرسول « صلى الله عليه وآله » كل أرض لا يبلغها الماء يصنع بها ما يشاء [1] . فوزع المنازل على من يطيق البناء من الصحابة ، وأقطعهم الأراضي ليبنوا بها دورهم - وإقطاعاته « صلى الله عليه وآله » معروفة فلتراجع في مصادرها [2] - ، وأقر كل قبيلة على
[1] راجع : الأموال لأبي عبيد ص 282 باب الإقطاع من كتاب أحكام الأرضين . والأموال لابن زنجويه ج 2 ص 629 . [2] راجع : التراتيب الإدارية .