أصول نحن فروعها ، فما بقاء [1] فرع بعد [2] ذهاب أصله ، وإنّ الله - عزّ وجلّ - أعطانا هذا الملك ، فله الحمد ، ونسأله إلهام الرشد والصدق واليقين . « ألا وإنّ للملك على أهل مملكة حقّا ، ولأهل مملكته عليه حقّا [3] . فحقّ الملك على أهل مملكته ، أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوّه ، وحقّهم على الملك أن يعطيهم أرزاقهم في أوقاتها ، إذ لا معتمد لهم على غيرها ، وإنّه تجارتهم [4] وحقّ الرعية على الملك ، أن ينظر لهم ، ويرفق بهم ، ولا يحمّلهم ما لا يطيقون . فإنّ أصابتهم مصيبة تنقص من ثمارهم ، لآفة أو ضرر من السماء أو الأرض ، أن يسقط عنهم خراج ما نقص وإن اجتاحتهم [5] مصيبة ، أن يعوّضهم ما يقوّيهم على عمارتهم [6] ، ثم يأخذ منهم بعد ذلك على قدر ما لا يجحف بهم في سنة أو سنتين . والجند للملك بمنزلة جناحي [ 22 ] الطير [7] ، فهم أجنحة الملك ، ومتى قصّ من الجناح ريشة ، كان ذلك نقصانا منه ، وكذلك الملك ، إنّما هو بجناحه وريشه . « وإن الملك ينبغي له أن يكون فيه ثلاث خلال [8] : أوّلها أن يكون صدوقا فلا يكذب ، وأن يكون سخيّا فلا يبخل ، وأن يملك نفسه عند الغضب ، فإنّه مسلَّط [9] ، ويده مبسوطة ، والخراج يأتيه . فينبغي له أن لا يستأثر [10] عن جنده ورعيته ، بما هم أهل له ، وأن
[1] . في الطبري : بقي . [2] . مط : مع ذهاب . [3] . سقطت من مط : « حقا ، ولأهل مملكته حقا . فحقّ الملك على أهل مملكته » . [4] . في الأصل ومط : وإنّه تجارتهم . في الطبري : وإنّها تجارتهم . ابن الأثير : إنّه خازنهم . [5] . اجتاحتهم مصيبة أو جائحة : أهلكت مالهم . [6] . في الطبري : عماراتهم . [7] . كذا في الأصل ومط . وفي الطبري : الطائر . [8] . الخلال : جمع الخلَّة : الخصلة ، الخلق . [9] . مط : سلط . [10] . استأثر بالشيء : خصّ به نفسه .