بهم ، ولم يطيقوا أن يقدموا عليهم . تيسّروا للحملة ، وانتظروا التكبير . » - وإنّ نشّاب الأعاجم لتجوز [ 374 ] صفّ المسلمين . » فتكلَّم الرؤساء . فقال دريد بن كعب النخعي - وكان معه لواء النخع - : - « إنّ المسلمين قد تهيّئوا للمزاحفة ، فاستبقوا المؤمنين الليلة إلى الله والجهاد ، نافسوهم الشهادة ، وطيبوا نفسا بالموت ، فإنّه أنجى من الموت إن كنتم تريدون الحياة ، وإلَّا فالآخرة ما أردتم . » وتكلَّم الأشعث بن قيس ، فقال : - « لا ينبغي أن يكون هؤلاء أجرأ على الموت منّا ، ولا أسخى نفسا عن الدنيا ، لا تجزعوا من القتل ، فإنّه أمانىّ الكرام ، ومنايا الشهداء . » وترجّل وتكلَّم طليحة فقال مثل ذلك ، وتكلَّم غالب وحمّال وأهل النجدات ، فقالوا قريبا من ذلك ، وفعلوا فعلهم . وقامت حربهم على ساق ، حتى الصباح . فتلك ليلة الهرير . وحكى أنس بن الحليس ، قال : شهدت ليلة الهرير ، فكان صليل الحديد فيها كصوت القيون ليلتهم حتى الصباح ، أفرغ عليهم الصبر إفراغا ، وبات سعد بليلة لم يبت بمثلها ، ورأى العرب والعجم أمرا لم يروا مثله قطَّ ، وانقطعت الأصوات عن رستم وسعد . فبعث سعد نجّارا [1] - وهو [ 375 ] غلام - إلى الصفّ لم يجد رسولا ، فقال : - « أنظر ما ترى من حالهم . » فرجع ، فقال : « ما رأيت يا بنىّ ؟ » قال : « رأيت قوما يلعبون ويجدّون . » فأوّل شيء سمعه سعد ليلتئذ مما يستدل به على الفتح في نصف الليل الأخير ،
[1] . الأصل : مهمل النقط مع تشديد الثاني . في مط : زالت نقطة النون . وفي الطبري : بجاد ، وفي حاشيته : نجار ( 5 : 2334 ) .