ومن عجيب ما مرّ في حصار نهاوند أنّ رجلا [ 435 ] يقال له : جعفر بن راشد ، قال لطليحة : - « لقد أخذتنا خلَّة [1] ، فهل بقي من أعاجيبك شيء تنفعنا به ؟ » فقال : « كما أنتم ، حتى أنظر . » فأخذ كساء ، فتقنّع به غير كثير ، ثم قال : - « البيان ، البيان ، غنم الدقّان [2] في البستان ، مكان أرونان [3] . » فدخلوا البستان ، فوجدوا الغنم مسمنة . ثم جاء دينار إلى حذيفة ، فصالحه عن ماه ، فنسب إليه ماه [4] . فكان يوافى الكوفة كل سنة . فقدم الكوفة في إمارة معاوية ، فقام في الناس جميعا ، فقال : - « يا معشر أهل الكوفة ، إنّكم أول ما مررتم بنا كنتم خيار الناس ، فغبرتم بذلك زمان عمر وعثمان ، ثم تغيّرتم وفشت فيكم خلال أربع : بخل ، وخبّ [5] ، وغدر ، وضيق ، لم تكن فيكم واحدة منهنّ . فنظرت في ذلك ، فإذا ذلك في مولَّديكم ، فعلمت من أين أتى ، فإذا الخبّ من قبل النبط ، والبخل من قبل فارس ، والغدر من قبل خراسان ، والضيق من قبل الأهواز . » فتح الرىّ ثم إنّ نعيم بن مقرّن فتح همذان ، وسار إلى الرىّ ، وكان بالرىّ يومئذ سياوخش ملكا عليها وهو سياوخش [ 436 ] بن مهران بن بهرام شوبين . [ فاستمدّ ] [6] أهل دنباوند ، وطبرستان ، وقومس ، وجرجان ، وقال :
[1] . الخلَّة : الجوع والفقر . [2] . في مط : « الدفّان » بالفاء . وفي الطبري ( 5 : 2630 ) : « الدهقان » ، وفي حواشيه : « الدوان » ، « الربان » . [3] . لا إعجام في الأصل إلَّا في النون الأخيرة . في مط : أروبان بالباء الموحدة . في الطبري : « أرونان » وفي حواشيه : « اونان » . والأرونان : الصعب الشديد من كلّ شيء . [4] . فقيل : « ماه دينار » ( الطبري 5 : 2628 ) . [5] . الخبّ : الخدعة والغشّ . [6] . فاستمدّ : مطموسة في الأصل ، فأخذناه عن مط .