خرجت فيها . فلما أصبح بعث أثرى رسولا ، فواللَّه ما أدركني حتى دخلت الكوفة ، فأنخت بعيري ، وأناخ بعيره على عرقوبى بعيري ، وقال : - « الحق بأمير المؤمنين ، فقد بعثني في طلبك ولم أقدر عليك إلَّا الآن . » قال : قلت : « ويلك ! ولما ذا ؟ » قال : « لا أدرى والله . » فركبت معه حتى قدمت عليه . فلما رآني قال : - « ما لي ولابن أمّ السائب ، بل ما لابن السائب وما لي ! » قال : قلت : [ 434 ] - « وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ » قال : « ويحك ! والله ، إن هو إلَّا نمت في تلك الليلة التي خرجت فيها ، فباتت ملائكة الله تسحبنى إلى ذينك السفطين يشتعلان نارا ، يقولون : لنكوينّك بهما ، فأقول : إنّى سأقسمهما بين المسلمين . فخذهما عنّى لا أبا لك ، فالحق بهما ، فبعهما في أعطية المسلمين وأرزاقهم . » قال : فخرجت بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة وغشيني [ التجار [1] ] فابتاعهما منّى عمرو بن حريث المخزومي بألفي ألف [ 000 ، 000 ، 2 ] درهم ، ثم خرج بهما إلى أرض الأعاجم فباعها بأربعة آلاف ألف [ 000 ، 000 ، 4 ] درهم . فما زال أكثر أهل الكوفة مالا بعد . وقسم حذيفة لأهل المسالح جميعا في نهاوند ، مثل الذي قسم لأهل المعركة ، لأنّهم كانوا ردءا للمسلمين لئلَّا يؤتوا من وجه من الوجوه ، وكان خلَّف قوما على قلاع يحاصرون من فيها لئلَّا ينزلوا فيؤتى المسلمون من قبلهم ، فقسم لهم أيضا . وسمّى يوم نهاوند فتح الفتوح [2] ولم تكن للفرس بعد قائمة .
[1] . في الأصل : النجار وما أثبتناه عن مط . [2] . افتتحت مدينة نهاوند أول سنة 19 لسبع سنين من إمارة عمر ( الطبري 5 : 2632 ) .