قال : « فينبغي أن يكون نبيّا . » فقالوا : « لا ، ولكنّه يعمل عمل الأنبياء . » وكثر الناس وكلامهم ، فاستيقظ عمر بالجلبة [1] ، فاستوى جالسا . ثم نظر إلى الهرمزان ، فقال : « الهرمزان ؟ » فقالوا : « نعم ! » فتأمله ، وتأمّل ما عليه ، ثم قال : - « أعوذ باللَّه من النار ، الحمد للَّه الذي أذلّ بالإسلام هذا وأشياعه . يا معشر المسلمين ! تمسّكوا بهذا الدين ، واهتدوا [ 409 ] بهدى نبيّكم ، ولا تبطرنّكم الدنيا ، فإنّها غرّارة . » فقال الوفد : « هذا ملك الأهواز ، فكلَّمه ! » قال : « لا ، حتى لا يبقى عليه من حليته شيء . » فرمى عنه بكلّ شيء إلَّا ما يستره ، فألبسوه ثوبا صفيقا . فقال عمر : « هي يا هرمزان ! كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله ؟ » فقال : « يا عمر ! إنّا وإيّاكم في الجاهلية كان الله خلَّى بيننا وبينكم ، فغلبناكم ، إذ لم يكن معنا ولا معكم ، فلمّا صار معكم غلبتمونا . » فقال عمر : « إنّما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرّقنا . » ذكر خديعة للهرمزان وحيلة له حتى آمنه عمر ثم قال عمر : « ما عذرك وما حجّتك في انتقاضك مرّة بعد مرّة ؟ » فقال : « أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك . »
[1] . كذا في الطبري . وفي الأصل ومط غموض . الجلبة : اختلاط الأصوات والصياح .