فلما دخلوها هيّأوا الهرمزان في هيأته [1] ، وألبسوه كسوته من الديباج الذي فيه الذهب ، ووضعوا على رأسه تاجا يدعى ال « آذين » مكلَّلا بالياقوت ، وعليه حليته كي ما يراه عمر والمسلمون . ثم خرجوا به على الناس يريدون عمر في منزله ، فلم يجدوه . فسألوا عنه ، [ 408 ] فقيل لهم : « جلس [2] في المسجد . » ولم يروه . فلمّا انصرفوا ، مرّوا بغلمان من أهل المدينة يلعبون . فقالوا لهم : - « ما تلدّدكم [3] ، تريدون أمير المؤمنين ؟ فإنّه نائم في ميمنة المسجد ، متوسّد برنسه . [4] » وكان عمر جلس لوفد الكوفة في برنس . فلمّا فرغ من كلامهم وارتفعوا عنه وأخلوه ، نزع برنسه ، ثمّ توسّده فنام . فانطلقوا ومعهم النظَّارة ، حتى إذا رأوه جلسوا دونه ، وليس في المسجد نائم ولا يقظان غيره ، والدرّة في يده معلَّقها [5] . فقال الهرمزان : « أين عمر ؟ » قالوا : « ها هو ذا ! » وجعل الوفد يشيرون إلى الناس : أن اسكتوا عنه . وأصغى الهرمزان إلى الوفد . فقال : « أين حرسه وحجّابه عنه ؟ » قالوا : « ليس له حاجب ولا حارس ولا كاتب ولا ديوان . »
[1] . وفي الأصل : هيآته . وما أثبتناه يؤيده مط الطبري . [2] . كذا في مط والطبري ( 5 : 2557 ) ، والأصل مطموس . [3] . مط : ما تلدّدهم ، والطبري : ما تلدّدكم . والأصل غير واضح ، وما أثبتناه عن الطبري : تلدّد : تلفّت يمينا وشمالا . [4] . قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام . كلّ ثوب يكون غطاء الرأس جزءا منه متّصلا به . [5] . كذا في الأصل ومط . وفي الطبري : والدّرة في يده معلَّقة . والدرّة : السوط يضرب به .