قوّتهم بعمارة الأرض وأهل العمارة . فلا عمارة للأرض إلَّا بفضل ما في يد أهل الخراج ، فمن الإحسان إلى المقاتلة ، والإكرام لهم أن أرفق بأهل الخراج وأعمر بلادهم وأدع لهم فضلا في معايشهم . فأهل الأرض وذوو الخراج أيدي المقاتلة والجند ، وقوّتهم ، والمقاتلة أيضا أيدي أهل الخراج وقوّتهم . « ولقد فكّرت وميّزت ذلك جهدي وطاقتي ، فما رأيت أن أفضّل هؤلاء على أولئك ولا أولئك على هؤلاء ، إذ وجدتهما كاليدين المتعاونتين [1] ، وكالرِجلين المترافدتين . ولعمري ما أعفى أهل [ 205 ] الخراج من الظلم من أضرّ بالمقاتلة ، ولا كفّ الظلم عن المقاتلة من تعدّى على أهل الخراج ، ولولا سفهاء الأساورة لأبقوا على الخراج والبلاد إبقاء الرجل ضيعته التي منها معيشته وحياته وقوّته . ولولا جهّال أهل الخراج لكفّوا عن أنفسهم بعض ما يحتاجون إليه من المعايش إيثارا للمقاتلة على أنفسهم . » قال : أقبلنا بعد ذلك على السير والسنن « ولمّا فرغنا [2] من إصلاح العامّة والخاصّة بهذين الركنين من أهل الخراج والمقاتلة ، وكان ذلك ثمرة العدل والحقّ الذي به دبّر الله العظيم خلائقه ، وشكرت الله على نعمه في أداء حقّه على مواهبه ، وأحكمنا أمور المقاتلة وأهل الخراج ببسط العدل ، أقبلنا بعد ذلك على السير والسنن . ثم بدأنا بالأعظم فالأعظم نفعا لنا والأكبر
[1] . في الأصل ومط : المتعاونين ، المترادفين . فأنّثناهما . [2] . مط : ما عرفنا .