أن يزاد فيه حتّى يعادل صاحبه . فإذا كانت النعم كثيرة والشكر [ 203 ] قليلا ، انقطع الحمل وهلك ظهر الحامل ، وإذا كان ذلك مستويا استمرّ [1] الحامل . فكثير النعم يحتاج [2] صاحبها إلى كثير الشكر ، وكثير الشكر يجلب كثير النعم . ولمّا وجدت الشكر بعضه بالقول ، وبعضه بالعمل ، نظرت في أحبّ الأعمال إليه ، فوجدته الشيء الذي به أقام السماوات والأرض ، وأرسى به الجبال ، وأجرى به الأنهار ، وبرأ به البريّة ، وذلك الحقّ والعدل فلزمته ، ورأيت ثمرة الحقّ والعدل عمارة البلدان التي بها معاش الناس والدوابّ والطير وسكّان الأرض . « ولمّا نظرت في ذلك ، وجدت المقاتلة أجراء لأهل العمارة ، ووجدت أيضا أهل العمارة أجراء للمقاتلة . وأمّا المقاتلة فإنّهم يطلبون أجورهم من أهل الخراج وسكّان البلدان لمدافعتهم عنهم ، ومجاهدتهم من ورائهم . فحقّ على أهل العمارة أن يوفوهم أجورهم . فإنّ عمارتهم تتمّ بهم ، وإن أبطأوا عليهم بذلك أوهنوهم ، فقوى عدوّهم . فرأيت من الحقّ [ 204 ] على أهل الخراج ألَّا يكون لهم من عمارتهم إلَّا ما أقام معايشهم ، وعمروا به بلدانهم . ورأيت أن لا أجتاحهم وأستفرغ ذات أيديهم للخزائن [3] والمقاتلة ، فإنّى إذا فعلت ذلك ظلمت المقاتلة مع ظلم أهل الخراج ، وذلك أنّه إذا فسد العامر فسد المعمور ، وذاك أهل الأرض والأرض ، فإنّه إذا لم يكن لأهل الخراج ما يعيشهم ويعمرون به بلادهم ، هلكت المقاتلة الذين
[1] . الكلمة غير واضحة في الأصل وخاصة في الحرف الأخير منها بحيث يمكن أن نقرأها « استم » لولا قرينة ما في مط : « استمر » . [2] . يحتاج . . . كثير الشكر : سقطت من مط . [3] . مط : للخزان .