أن يوضع التاج والزينة بين أسدين مشبلين ، فمن تناوله فهو الملك . » بهرام يتناول التاج والزينة من بين أسدين مشبلين فلمّا سمع القوم هذه المقالة ، مع ما وعد من نفسه ، سكنوا ، وأظهروا الاستبشار والرضاية ، وقالوا : - « إنّا إن تمّمنا صرف الملك عن بهرام ، لم نأمن هلاك الفرس على يده بمن يرى رأيه ولكثرة من استجاش من العرب . وقد عرض علينا ما لم يدعه إليه أحد ، لولا ثقته ببطشه وجرأته . فإن يكن على ما وصف به نفسه ، فليس الرأي إلَّا تسليم الملك إليه والسمع والطاعة ، [ 151 ] وإن يهلك ضعفا وعجزا فنحن برءاء منه ، آمنون لشرّه وغائلته . » فتفرّقوا على هذا الرأي ، وجلس بهرام من الغد في مثل مجلسه بالأمس ، وحضر من كان يحادّه فقال : - « إمّا أن تجيبوني عمّا تكلَّمت به أمس ، وإمّا أن تسكتوا باخعين لي بالطاعة . » فقال القوم : « قد رضينا بحكمك ، وأن يوضع التاج والزينة بين الأسدين كما ذكرت بحيث رسمت ، وتنازعاهما أنت وكسرى . » فأتى بالتاج والزينة ، وتولَّى موبذان موبذ الذي كان يعقد التاج على رأس كلّ ملك يملك ، فوضعهما ناحية ، وجاء إصبهبذ مع ثقات القوم بأسدين ضاريين مجوّعين مشبلين . فوقف أحدهما عن جانب الموضع الذي وضع فيه التاج والزينة ، والآخر بحذائه ، وأرخى وثاقهما . ثم قال بهرام لكسرى : - « دونك التاج والزينة ! » فقال كسرى : - « أنت أولى بالبدء منّى ، لأنّك تطلب الملك بوراثة ، وأنا فيه دخيل . »