ولم يكره بهرام قوله لثقته بنفسه ، وحمل جرزا وتوجّه نحو التاج والزينة . فقال له موبذان موبذ : - « استماتتك في هذا الأمر الذي تقدم عليه [ 152 ] هو تطوع منك ، لا عن رأيي ، ولا عن رأى أحد من الفرس ، ونحن برءاء إلى الله من إتلافك نفسك . » فقال بهرام : - « نعم أنتم برءاء ، ولا وزر عليكم . » ثم أسرع نحو الأسدين . فلمّا رأى موبذان موبذ جدّه ، هتف به وقال : - « بح بذنوبك وتب منها ، ثمّ أقدم إن كنت لا محالة مقدما . » فباح بهرام بما سلف من ذنوبه ، ثم مشى نحو الأسدين ، فبذر أحدهما ، فلمّا دنا من بهرام ، وثب وثبة ، فإذا هو على ظهر الأسد ، وعصر جنبي الأسد بفخذيه حتى أثخنه [1] ، فجعل يضرب على رأسه بالجرز ، ثم قرب من الأسد الآخر . فلمّا تمكّن منه قبض على أذنيه وعركهما [2] بكلتي يديه ، ولم يزل يضرب رأسه برأس الأسد الذي كان ركب ظهره ، حتى دمغهما ، ثمّ قتلهما ضربا على رأسهما بالجرز ، وذلك كلَّه بمشهد من جميع من حضر ذلك الموضع وبمرأى من كسرى . فتناول بهرام التاج والزينة ، وكان كسرى أوّل من هتف به وقال : - « عمّرك الله بهرام ، الذي يسمع له من حوله ويطيع ، ورزقه الله ملك [ 153 ] أقاليم الأرض السبعة . » ثم هتف الناس وجميع من حضر ذلك المجلس ، وقالوا : - « أذعنّا للملك بهرام ورضينا به ملكا . » وكثر الدعاء والضجيج . ولقى الرؤساء المنذر بعد ذلك وسألوه أن يكلَّم بهرام في التغمّد لاساءتهم
[1] . أثخنه : تكاثر عليه وغلبه . [2] . عرك الشيء : حكّه حتى محاه .