جنكيزخان من إقتحامها بعد جهد جهيد ودخلوا إليها دخول حنق يطلب النفس والمال ، فقتلوا كل من فيها من كبير وصغير ثم خربوها حتى ألحقوها بالأرض فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما دهى الاسلام قط مثلها . وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى ) . وقال عنها السمعاني المتوفى سنة 562 : ( أحسن مدن خراسان وأجمعها للخيرات والمشهور بها لا يحصون ) . وتقع بالقرب من مدينة مشهد عاصمة خراسان الحالية ، واشتهرت بنشاطها العلمي من أواسط القرن الثاني للهجرة واستمرت حتى حملة التتر أي حوالي خمسة قرون من الزمن قدمت خلالها الآلاف من العلماء والمثقفين للأمة الاسلامية ، وبما أن الإمام علي بن موسى الرضا ثامن أئمة الشيعة دفن على مقربة منها بطوس فقد فقدت نيسابور مركزيتها العلمية شيئا فسشيئا وانتقلت إلى مشهد الرضا وحتى يومنا هذا بنفس النسبة التي كان يتم فيها التحول في داخل المجتمع الإيراني من المذهب السني إلى مذهب أهل البيت . وحسب ما تعرفنا على نيسابور من زوايا هذا الكتاب وخباياه فإنها لم تزل حوالي القرن الخامس والسادس محتفظة بدورها الشامخ في الحركة العلمية ومحتوية على أكثر من عشرين مدرسة علمية وغيرها من عشرات المساجد ومراكز الصوفية والمكاتب . ولقد تعرضت هذه المدينة من سنة 400 إلى سنة 547 أي الفترة المرتبطة بهذا الكتاب تقريبا وقبيل فتنة الغز الكبرى إلى بعض الهزات الاجتماعية والسياسية غير أنها لم تستطع من تعكير صفوها الدراسي ولم تدم طويلا ، وتمثلت هذه المشاكل بالفتن التركمانية التي حدثت في بداية الربع الثاني من القرن الخامس واستمرت مدة من الزمن ، وكبعض الفتن الطائفية والتعصبات المقيتة بين الشافعية والحنفية أو بين السنة والشيعة ، وكبعض مضايقات الحكام وتعسفاتهم .