نام کتاب : تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف نویسنده : محمد بن أحمد المكي الحنفي جلد : 1 صفحه : 4
ومنها : حرمة القتال فيه ، فقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه عن قتال أحد ، إلا أن يبدأ أناس المسلمين بالقتال ، وإلا ستة أفراد أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتلهم أينما وجدوا . فأما المشركون والملحدون فلا يتصور أن يقع قتالهم فيه ، فقد ثبت شرعاً أنه لا يجوز تمكين أحد يدين بغير الإسلام من الاستيطان بمكة باتفاق الأئمة ، بل ومن مجرد الدخول إليها عند الشافعية وكثير من المجتهدين ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ ) . وأما البغاة - وهم من يعلنون البغي على الإمام الصالح - فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنهم يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم عن بغيهم إلا بالقتال ؛ لأن قتال البغاة من حقوق الله تعالى التي لا يجوز إضاعتها ، فحفظها أولى في الحرم من إضاعتها ، وصوبه النووي . وأما إقامة الحدود : فقد ذهب مالك والشافعي إلى أن الحدود تقام في الحرم المكي ؛ لما رواه البخاري ومسلم من قول عمرو بن سعيد قال : إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فارّا بدم ولا فارّا بخربة . وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد إلى أنه آمن ما دام في الحرم ، ولكن يضيّق عليه ويضطر إلى الخروج منه ، حتى إذا خرج استوفى منه الحد أو القصاص ، ودليله في ذلك عموم النهي عن القتال فيه . والله أعلم . خصائص المدينة وفضائلها : لقد كرم الله تعالى المدينة وحباها وشرفها بكثير من الخصائص والفضائل التي ليست لغيرها ، فمن أعظم ما شرفها الله تعالى به أن جعلها مهجراً لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وكهفاً لأوليائه وعباده الصالحين ، ومعقلاً وحصناً منيعاً للمسلمين ، ودار هدى للعالمين ، فهي دار الإيمان وملجأه فثبت في « الصحيحين » عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها » . وفي « الصحيحين » أيضاً عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « أمرت بقرية تأكل القرى ، يقولون يثرب ، وهي
4
نام کتاب : تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف نویسنده : محمد بن أحمد المكي الحنفي جلد : 1 صفحه : 4