نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 91
الستة عشر كان لها نصف ، وهو ثمانية ، وهي عدة بيادق كل واحد ، فإذا نصفت الثمانية كان لها نصف ، وهو أربعة ، وهو الرخان والفرسان من كل واحد ، فإذا نصفت الأربعة كان لها نصف ، وهو اثنان ، فقد انقسمت أزواجا ولم يبق في القسم بعد الأزواج إلا الواحد الذي يقسمها كلها آحادا ، وهو ليس بعدد ، ولا معدود ، ولا زوج ، ولا فرد ، لان أول أعداد الفرد ثلاثة . ثم قال الحكيم : ليس شئ أجل من الحرب ، لأنه يبين فيها فضل التدبير ، وفضل الرأي ، وفضل الحزم ، وفضل الاحتياط ، وفضل التعبية ، وفضل المكيدة ، وفضل الاحبراس ، وفضل النجدة ، وفضل البأس ، وفضل القوة ، وفضل الجلد ، وفضل الشجاعة ، فمن عدم منه شئ من هذا عرف موضع تقصيره لان خطأها لا يستقال ، والعجز فيها متلف للمهج ، والجهل مبيح للحمى ، وترك الحزم ذهاب الملك ، وضعف الرأي جلب للعطب ، والتقصير سبب للهزيمة ، وقلة العلم بالتعبية داعية الانكشاف ، وقلة المعرفة بالمكيدة تهور إلى الهلكة ، وترك الاحتراس نهزة للعدو ، وجعلها على مثال الحرب ، فإن أصاب ظفر وإن أخطأ هلك . فلما رأى الملك صحة البرهان ، وتبين فضل حكمة الحكيم ، وعلم أن قد أصاب وأحسن التمثيل ، وأبان عما قد عمي عنه ، جمع أهل مملكته ، فعرفهم ما كشف الله عنهم من الغم ، وأمرهم أن يقيموها ويتأملوها ، وقال لهم : قد علمنا أن ليس في العالم حي ناطق ، مفكر ، ضاحك ، عاقل ، إلا الانسان ، فالانسان عليه مدار جميع ما في العالم ، لان الفلك بجميع ما فيه خلقه الخالق للانسان ليعرف به ما يحتاج إليه من زمانه وأوقاته ، وكذلك ذلك له جميع ما في الأرض ، وكل ما خلق الله مما في قعر البحر ، وجوه السماء ورؤوس الجبال ، فلما ملك الانسان جميع ما خلق قسم ذلك الانسان ثلاثة أقسام فأكل ثلاثا ، وسخر ثلاثا ، وقتل ثلاثا : فأكل الطير والسمك وما شاء من النعم والإبل ، وسخر البقر والحمير والدواب ، وقتل السباع والحيات والهوام ،
91
نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 91