نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 149
واحتجوا بنحو هذا . . . [1] آخر فقالوا : ان كانت الأشياء كلها تدرك بالعلم والعلم بالعلم فإلى نهاية أو إلى لا نهاية ، فإن تناهى ، فإلى غير معلوم ، وما لم يكن معلوما ، فهو مجهول ، فأنى تعلم الأشياء بمجهول ، فإن لم تتناه ، ولم تكن لذلك غاية ، فلا إحاطة به ، وما لم يحط به ، فمجهول أيضا ، فكان الوجهان في هذا القياس مجهولين غير معلومين ، فأنى يعلم شئ مجهول دون أن يعلم جميع الأشياء ، وذلك أبعد . وشققوا في هذين النوعين ، وكثر سعيهم ، وعظمت مؤنتهم ، وقالت طائفة تسمى الدهرية : لا دين ، ولا رب ، ولا رسول ، ولا كتاب ، ولا معاد ، ولا جزاء بخير ، ولا بشر ، ولا ابتداء لشئ ، ولا انقضاء له ، ولا حدوث ، ولا عطب ، وإنما حدوث ما سمي حدثا تركيبه بعد الافتراق ، وعطبه تفريقه بعد الاجتماع ، وجميع الوجهين في الحقيقة حضور غائب ومغيب حاضر . وإنما سميت الدهرية لزعمها ان الانسان لم يزل ، ولن يزول ، وان الدهر دائر لا أول له ، ولا آخر ، واحتجوا فيما ادعوا بأن قالوا : إنما يعرف في وجود الشئ وفقده حالان لا ثالث لهما : حال الشئ فيها موجود ، فأنى يحدث ما قد كان ووجد ، وحال لا شئ فيها ، فأنى يكون الشئ في حال لا تشبيه لها ، وذلك أبعد . وكذلك القول في المدعي العطب فهو لا يعرف غير حالين : حال الشئ فيها قائم ، فمحال قول من ادعى العطب للشئ ، في حال كونه وقيامه ، وحال لا شئ فيها ، فأنى يكون العطب الأدنى ، وذلك محال ، فإن أقر مخالفونا بصدقنا دخلوا في قولنا ونقضوا قولهم ، وإن أنكروا قولنا ادعوا حالا ثالثة لا عدم فيها ولا وجود ، فذلك أقبح الثلاثة حالة . وقالت فرقة منهم : ان أصل الأشياء في الأزلية حبة كانت ، فانفلقت ، فبدا منها العالم على ما ترى من اختلافه في ألوانه واحساسه ، وزعم بعضهم انه .