نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 150
غير مختلف في معانيه ، وإنما تختلف معانيه من جهة إحساسه ، وأنكر بعضهم ذلك ، وأثبتوا له اختلافا في معانيه وتحقيقه ، وقالت المنكرة لتحقيق الاختلاف : الأشياء إنما تختلف باختلاف الاحساس لها ، وانه لا حقيقة لشئ منها تبين بها دون غيرها . وادعوا من الدلالات في ذلك أن أهل المرض الحادث من الصفراء مثل أصحاب اليرقان ، إذا ذاق أحد منهم العسل وجده مرا ، وأهل السلامة من هذا الداء يجدونه حلوا ، وإن الخفاش يغشيه ضوء النهار ، ويذكي بصره الليل ، فإن كان النور يزيد الابصار نورا ، والظلمة مغشية لها ، وجب أن يكون نور النهار الظلمة للخفاش وغيره ، تغشي بصره النار ، وقد يوجد ذلك في بعض الناس وغيرهم من الحيوان والطير وغيره ، وإن الليل إذا كان مذكيا للأبصار على ما وصفنا ، فليلها نور ، كما أن النهار نور لمن خالفها ، والليل ظلمة لها ، فإن قلتم : إن ذلك لآفة دخلت على هذه الأصناف ، قلنا لكم : عند من خالفهم أو عند من وافقهم ؟ فإن قلتم : عند من خالفهم ، قلنا : بل الآفة دخلت على من وافقهم ، فإن قلتم : عند من وافقهم ، قلنا : بل الآفة دخلت على من خالفهم عندهم ، فلا فضل لاحد الصنفين على أحد . وقالوا : ألا ترون الكاتب يكتب الكتاب عدلا مستقيما ، فيراه كذلك من قبل وجهه ، فإن نظر إليه من خلفه رآه بخلاف ما كان يعرف ، وان ازور عنه معوجا أو خالفه رآه مخالفا ، كما تكتب الألف في صورة تميز من جميع الحروف ، فإذا استقبلتها رأيتها ألفا ، وإذا استدبرتها رأيتها كالباء ، وإذا انحرفت عنها رأيتها كالنون ، أو كالباء ، وان الغائب عن موضعه حاضر موضعا آخر . وكذلك القول في الألوان والأصوات والطعوم والأعيان والملابس ، كما ترى الشخص من قرب كبيرا ، وصغيرا من بعد ، كلما قرب الداني منه ازداد كبرا ، وكلما بعد منه ازداد صغرا في عينه .
150
نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 150