نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 379
احتذى مثال آبائه في كثرة العبادة والاستغفار والتفكر في آلاء الله وصنائعه ، فطار صيته بذلك واشتهر بأنه حليف القرآن والعبادة ( 1 ) . قال أبو الجارود : قدمت المدينة فجعلت كلما أسأل عن زيد قيل لي : ذاك حليف القرآن ، ذاك أسطوانة المسجد ، من كثرة صلاته ( 2 ) . ويقول أبو حنيفة حينما يسئل عنه : هو حليف القرآن منقطع القرين ( 3 ) . وفي كلام الفخري والذهبي والشبلنجي وأحمد بن حميد : أنه من أكابر الصلحاء وأعاظم أهل البيت عبادة وزهداً وورعاً وديناً وخضوعاً ( 4 ) . وكان زيد الشهيد معروفاً بفصاحة المنطق ، وجزالة القول ، والسرعة في الجواب ، وحسن المحاضرة ، والوضوح في البيان ، والإيجاز في تأدية المعاني على أبلغ وجه ، وكان كلامه يشبه كلام جدّه عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) بلاغة وفصاحة ( 5 ) . فلا بدع إذن إن عدّه الجاحظ من خطباء بني هاشم ( 6 ) ، ووصفه أبو إسحق السبيعي والأعمش بأنه أفصح أهل بيته لساناً وأكثرهم بياناً ( 7 ) . ويشهد له : أن هشام بن عبد الملك لم يزل منذ دخل زيد الكوفة ، يبعث الكتاب إثر الكتاب إلى عامله بالعراق ، يأمره بإخراج زيد من الكوفة ومنع الناس من حضور مجلسه ، لأنه الجذّاب للقلوب بعلمه الجم وبيانه السهل ، وأن له لساناً أقطع من السيف وأحدّ من شبا الأسنّة ، وأبلغ من السحر والكهانة ، ومن النفث في العقد ( 8 ) . وجوابه لهشام بن عبد الملك يوم قال له : بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وأنت ابن أمة ، شاهد عدل على تلك الدعوى التي لم تقع محل التشكيك ، فلقد بان عليه في ذلك المجلس المحتشد بوجوه أهل الشام العجز