نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 327
الحسام والسيف مصلت بيده . فعند ذلك ردّ السلام عليه نفر قليل ، ثم أضحى مناديه يجمع الرؤساء والعرفاء إليه ، لأخذ المواثيق وإنجاز المواعيد وتوزيع العطايا ومعاقبة المتخلفين عقوبة صارمة ، فهرع لندائه خلق كثير وانقلبت القلوب وانحرفت الوجوه وتبدلت لهجات الأندية ونشريات الشيع . نعم ، لا ينقضي العجب من خيبة الكوفة في نهضتها إلاّ بعد التدبر في أسبابها وأسرارها ، إذ باغت ابن زياد الكوفيين بزي الحسين ( عليه السلام ) حتى استقر في دار الإمارة بين حامية مستعدة ، وقد كان الواجب على أهل الكوفة بعدما لبى الحسين ( عليه السلام ) دعوتهم وإرساله مسلماً ( رضي الله عنه ) وكيلا عنه ، أن تجتمع أحياؤها ويتّحد رؤساؤها فيخرجوا عامل يزيد وحاشيته ويسلموا دوائرها إلى وكيل الحسين ( عليه السلام ) ، وأن يقترحوا عليه من الأعمال المهمة ما هم أدرى به وأعرف ، ومسلم ( رضي الله عنه ) لم يقدم عليهم كوال مختار أو مفوّض مطلق ليستقل في أعمال له وأعمالهم بالتصرف والمسؤولية ، وإنما بعثه الحسين ( عليه السلام ) كمعتمد يشرف على أمرهم ويستطلع حقيقة خبرهم ، لكن الكوفيين غرّوا مسلماً واغترّوا ، ولم يغتنموا صفاء وجوهم وتواني عدوهم إلى أن دهمهم ابن زياد وفرّق جمعهم بالوعد والوعيد ، وسكّن فورتهم بالطمع والتهديد ، حتى إذا سكت الضجيج من حول مسلم ( رضي الله عنه ) ، نفى الرجال العاملين لمعونة مسلم من بلده ، وزج في السجن من وجوه الشيعة أمثال المختار بن أبي عبيد الثقفي والمسيب بن نجبة وسليمان ورفاعة وغيرهم ممّن لم تؤثر عليهم التضييقات ولا اغتروا بباطل الوعد ، وإستوظف آخرين واختفى بعد ذلك أكثر المتهوسين في زوايا البيوت ( 1 ) . إن مسلماً - وهو الذي بايعه أكثر من ثلاثين ألف مسلم - بقي وحيداً فريداً بعد القبض على الوجوه من أوليائه ، كالمختار الثقفي وسليمان الخزاعي ، فلاذ بصديقه هاني أكبر مشايخ الكوفة سنّاً وشأناً وبصيرة وعشيرة ، إذ كان معمّراً فوق الثمانين وشيخ كندة أعظم أرباع الكوفة ، وكان إذا صرخ لبّاه ثلاثون ألف سيف ، وكان هو وأبوه من أحبة علي ( عليه السلام ) وأنصاره في حروبه العراقية .
1 - انظر : مقتل الحسين لأبي مخنف : 61 ، تاريخ الطبري : 4 / 286 .
327
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 327