responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي    جلد : 1  صفحه : 326


أمّا يزيد فلم يكن منه بادئ بدء سوى استشارة سرحون ، مولى أبيه معاوية في كتب القوم إليه ، فأشار عليه باستعمال عبيد الله بن زياد على العراق ، وكانت بينه وبين يزيد برودة ، وأبرز سرحون ليزيد عهداً كان معاوية قد كتبه في هذا الشأن قبيل وفاته حسب ما ذكره المؤرخون ( 1 ) ، وأنهى إلى ابن زياد أمره وهو يومئذ والياً بالبصرة ، فضم إليه معها الكوفة ، وكتب إليه : أمّا بعد ، فإنه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أن ابن عقيل فيها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين ، فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة ، حتى تثقفها وتوثقه أو تقتله أو تنفيه .
فأخذ ابن زياد من كتاب يزيد ورسوله قوة وبصيرة وصلاحية واسعة في صرف المال وبثّ المواعيد ، ومنحه الاختيارات التامة فحسب ذلك ضرباً من الترفيع ، فمهّد أمره في البصرة وعهد بأزمتها إلى أخيه وإلى أعوانه المجربين ، خوفاً من نشر الدعاية فيها لابن الزبير أو الحسين ( عليه السلام ) ، وتأهب إلى الكوفة من حيث لم يعلم العامة أمره ، وسرعان ما قدمها بكل جسارة ودخلها متنكراً ومتلثماً ، وعليه عمامة سوداء يوهم الناس أنه الحسين بن علي ( عليه السلام ) ، وصار من يصادفونه في خطط الكوفة وطرقاتها يزعمونه الحسين السبط ( عليه السلام ) ، فيسلمون عليه بالإمامة ويحيونه بكل كرامة ويقبّلون يديه ورجليه وهو لا يكلم أحداً فوق راحلته ، حتى بلغ قصر الإمارة ، فطرق الباب وعلى واليها المحصور النعمان بن بشير ، حتى إذا عرفه فتح الباب ودخل ، عند ذلك فشا خبره وأنه ابن زياد .
فباتت الكوفة تلك الليلة تغلي كالمرجل بين مثبت ومثبط وابن زياد دخل البلدة وحده وعلى حين غرّة ، ولم ينزل إلاّ في مركز الحكم ، وأخذ في قبضته المال والسلاح ورتب في ليلته على الدوائر المهمة من لم يتجاهر بمعية مسلم ( رضي الله عنه ) ، وأصبح مناديه يجمع الناس لخطابته في الجامع الأعظم ، فرقى المنبر بكل جسارة - وجسارة الخطيب تعطي لكلامه قوة نفوذ وتأثير على الأوهام - فصار يعد ويوعد ، لا عن لسان الله ورسوله بل عن لسان أميره يزيد ، فبلّغهم سلامه ، ولكن الناس لم يردوا السلام عليه أولا ، حتى أخذ يطمع المطيع بمواعيد جسام ويهدد مخالفيه بحد


1 - انظر : مقتل الحسين لأبي مخنف : 22 ، تاريخ الطبري : 4 / 265 ، الارشاد : 2 / 42 ، روضة الواعظين : 173 ، إعلام الورى : 1 / 437 .

326

نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست