نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 269
الدولة العباسية . وكانت إمارة الاستكفاء هذه من جملة الأسباب التي ساعدت على تشعب المملكة العباسية إلى دولة مستقلة ، لأن الوالي كان يقيم في ولايته كأنه ملك مستقل إلاّ فيما يتعلق بإرسال فضلات الخراج إلى الخليفة والخطبة له وضرب النقود باسمه وأمور أخرى لا تضغط على ارادته ، فإذا كان الوالي ذا دهاء وأُنس من الخليفة ضعفاً جمع أهل الإقليم على ولائه واستقل بعمله إمّا استقلالا تاماً وإمّا على مال معين يبعث به إلى الخليفة ببغداد ، أو على شروط أخرى ، وعلى نحو هذا النمط استقل الأغالبة في أفريقية وابن طاهر في خراسان وابن طولون في مصر ، ولكن تلك الأقاليم ما زالت تعد إمارات عباسية ويعبّرون عنها بإمارة الاستكفاء . وأمّا إمارة الاستيلاء - ويراد بها أن يعقد الخليفة لأمير على إقليم اضطراراً بعد أن يستولي الأمير على ذلك الإقليم بالقوة - فكان الخليفة يثبته في إمارته ويفوض إليه تدبير سياسته ، فيكون الأمير باستيلائه مستبداً بالسياسة والتدبير ، والخليفة بإذنه منفذاً لأحكام الدين ، ولهذه الإمارة شروط تفرض على الأمير في مقابل ذلك وهي : 1 - حفظ منصب الإمامة في خلافة النبوة وتدبير أمور الملة . 2 - ظهور الطاعة الدينية . 3 - اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر ، لتكون للمسلمين يد على سواهم . 4 - أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة والأحكام فيها نافذة . 5 - أن يكون استيفاء الأموال الشرعية بحق تبرأ به ذمة مؤديها . 6 - أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق . 7 - أن يهتم الأمير في حفظ الدين ، ولأمير الاستيلاء أن يستخدم الوزراء وغيرهم . ومن هذه الإمارات ما انتهت إليه الدولة العباسية من التشعب وظهور الدول الصغرى فيها ، كالدولة الحمدانية والبويهية والغزنوية والإخشيدية وغيرها ، وكلها كانت إمارات مستقلة تدعو للخليفة على المنابر وتضرب السكة باسمه وترسل إليه مالا معيناً في السنة يتم الاتفاق عليه ، وهو الذي يثبت أمراءها ويكون متسلسلا في أعقابهم على نحو حال الخديوية المصرية بالنظر إلى الدولة العثمانية ، هذا كله في الإمارة العامة .
269
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 269