نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 148
والنجف كان ساحل بحر الملح ( 1 ) . وقال ابن قتيبة في المعارف : لمّا نزل المسلمون المدائن وطال بها مكثهم وآذاهم الغبار والذباب ، كتب عمر إلى سعد في بعثه رواداً يرتادون منزلا برياً بحرياً ، فإن العرب لا يصلحها من البلدان إلاّ ما صلح الشاة والبعير ، فسأل من قبله عن هذه الصفة ، فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان وهو ظهر الكوفة ، وكانت العرب تقول : أدلع البر لسانه في الريف ، فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط ، وما كان يلي الطين منه فهو النجاف . فكتب عمر إلى سعد يأمره به ، وكان نزولهم الكوفة سنة 17 ، فالبصرة أقدم من الكوفة بثلاث سنين ( 2 ) . وقال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 17 : اختطت الكوفة وتحول سعد إليها من المدائن . وكان سبب ذلك : أن سعداً أرسل وفداً إلى عمر بهذه الفتوح المذكورة ، فلمّا رآهم عمر سألهم عن تغيّر ألوانهم وحالهم . فقالوا : وخومة البلاد غيّرتنا . فأمرهم عمر أن يرتادوا منزلا ينزله الناس ، وكان قد حضر مع الوفد نفر من بني تغلب ليعاقدوا عمر على قومهم فقال عمر : أعاقدهم على أن مَن أسلم منكم كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، ومن أبى فعليه الجزية . فقالوا : إذن يهربون ويصيرون عجماً . وبذلوا له الصدقة فأبى فجعلوا جزيتهم مثل صدقة المسلم ، فأجابهم على أن لا ينصروا وليداً ، فهاجر هؤلاء التغلبيون ومن أطاعهم من النمر وإياد إلى سعد بالمدائن ونزلوا بالمدائن ونزلوا معه بعد بالكوفة . وقيل : بل كتب حذيفة إلى عمر : إن العرب قد رقت بطونها وجفت أعضادها وتغيرت ألوانها وكان مع سعد . فكتب عمر إلى سعد : أخبرني ما الذي غيّر ألوان العرب ولحومهم ؟ فكتب إليه سعد : إن الذي غيّرهم وخومة البلاد ، وإن العرب لا يوافقها إلاّ ما