فإنّي رأيت كثيرا من الأشراف من يجهل نسبه ، ومن ذوى الأحساب من لم [1] يعرف سلفه ، ومن قريش من لا يعلم من أين تمسّه [2] القربى من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم [ وأهله ] [3] ، أو الرّحم [4] بالأعلام من صحابته . ورأيت من أبناء ملوك [5] العجم من لا يعرف حال أبيه وزمانه ، ورأيت من ينتمى إلى الفصيلة وهو لا يدرى من أي العمائر [1] هي ، وإلى البطن وهو لا يدرى من أي القبائل هو ورأيت من رغب [6] بنفسه عن نسب دقّ فانتمى [7] إلى رجل لم يعقب ، كرجل رأيته [8] ينتمى [9] إلى أبى ذرّ الغفاريّ ، ولا عقب لأبى ذرّ وآخر ينتمى إلى حسّان بن ثابت ، وقد انقرض عقب حسّان ، وكآخر دخل على المأمون فكلَّمه بكلام أعجبه [10] ، فسأله عن نسبه [11] ، فقال : من طيِّئ ، من ولد عدىّ بن حاتم [2] . فقال له المأمون [12] : ألصلبه [13] ؟ قال : نعم . / 4 / فقال : هيهات ! أضللت ! إنّ أبا طريف [14] لم يعقب . فكان سقوطه بجهله حال الرجل الَّذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الَّذي رغب عنه [15] .
[1] العمارة ، بفتح العين وكسرها : الحي العظيم ، وهي فوق البطن من القبائل ، أوّلها : الشعب ، ثم القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الفصيلة . ( نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب : 4 ) . [2] يكنى عدي بن حاتم : أبا طريف . ( الإصابة : ت : 5477 ) . [1] ط ، ل : « من لا يعرف » . [2] ب : « لا يعلم أين تمسه » . [3] تكملة من ب . [4] ل : « والرحم » . [5] ل : « الملوك » . [6] ب ، ط ، ل : « يرغب » . [7] ط ، و : « فانتهى » . [8] ب : « آخر » . [9] ل ، و : « ينتسب » . [10] ل : « وأعجبه كلامه » . [11] ب : « نفسه » . [12] ب : « فقال المأمون » . [13] و : « لصلبه » . [14] ب ، ط : « أبا عدي » . [15] ب : « فصار الرّجل بجهله بالنسب الَّذي رغب عنه مسقوط في عين الخليفة » - ط : « فصار سقوطه بالنسب الَّذي رغب عنه » .