نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 83
الفصل الثاني في الفصاحة قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه : اعلم أن الفصاحة خلوص الكلام من التعقيد وأصلها من قولهم أفصح اللبن إذا أخذت عنه الرغوة . وأكثر البلغاء لا يكادون يفرقون بين البلاغة والفصاحة بل يستعملونها استعمال الشيئين المترادفين على معنى واحدة في تسوية الحكم بينهما . ويزعم بعضهم أن البلاغة في المعاني والفصاحة في الألفاظ ويستدل بقولهم معنى بليغ ولفظ فصيح . وقال يحيى بن خالد : ما رأيت رجلاً قط إلا هبته حتى يتكلم فإن كان فصيحاً عظم في صدري وإن قصر سقط من عيني وقد اختلف الناس في الفصاحة فمنهم من قال : إنها راجعة إلى الألفاظ دون المعاني ومنهم من قال : إنها لا تخص الألفاظ وحدها واحتج من خص الفصاحة بالألفاظ بأن قال : نرى الناس يقولون هذا لفظ فصيح وهذه الألفاظ فصيحة ولا نرى قائلاً يقول : هذا معنى فصيح فدل على أن الفصاحة من صفات الألفاظ دون المعاني وإن قلنا إنها تشمل اللفظ والمعنى لزم من ذلك تسمية المعنى بالفصيح وذلك غير مألوف في كلام الناس والذي أراه في ذلك أن الفصيح هو اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحاً حسناً . ومن المستحسن في الألفاظ تباعد مخارج الحروف فإذا كانت بعيدة المخارج جاءت الحروف متمكنة في مواضعها غير قلقة ولا مكدودة والمعيب من ذلك كقول القائل : [ من البسيط ] لو كنت كنت كتمت الحب كنت كما * كنا وكنت ولكن ذاك لم يكن وكقول بعضهم أيضاً : [ من الطويل ] ولا الضعف حتى يبلغ الضعف ضعفه * ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف وكقول الآخر : [ من الرجز ] وقبر حرب بمكان قفر * وليس قرب قبر حرب قبر قيل : إن هذا البيت لا يمكن إنشاده في الغالب عشر مرات متوالية إلا ويغلط المنشد فيه لأن القرب في المخارج يحدث ثقلاً في النطق به . وقيل : من عرف بفصاحة اللسان لحظته العيون بالوقار . وبالفصاحة والبيان استولى يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام على مصر وملك زمام الأمور وأطلعه ملكها على الخفي من أمره والمستور . قال الشاعر : [ من الطويل ]
83
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 83