نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 314
قرأه قال له معاوية : يا بني ما ترى قال : أرى أن تبعث إليه جيشاً يكون أوله عنده وآخره عندك يأتونك برأسه فقال : بل غير ذلك خير منه يا بني ثم أخذ ورقة وكتب فيها جواب كتاب عبد الله بن الزبير يقول فيه : أما بعد فقد وقفت على كتاب ولد حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءني ما ساءه والدنيا بأسرها هينة عندي في جنب رضاه نزلت عن أرضي لك فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال والسلام . فلما وقف عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما على كتاب معاوية رضي الله عنه كتب إليه : قد وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ولا أعدمه الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام . فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير وقرأه رمى به إلى ابنه يزيد فلما قرأه تهلل وجهه وأسفر فقال له أبوه : يا بني من عفا ساد ومن حلم عظم ومن تجاوز استمال إليه القلوب فإذا ابتليت بشيء من هذه الأدواء فداؤه بمثل هذا الدواء . ولما دخل الفيل من دمشق واجتمع الناس لرؤيته صعد معاوية في مكان مرتفع ينظر إليه فبينما هو كذلك إذ نظر في بعض الحجر من قصره رجلاً مع بعض حرمه فأتى الحجرة ودق الباب فلم يكن من فتحه بد فوقعت عينه على الرجل فقال له : يا هذا في قصري وتحت جناحي تهتك حرمتي وأنت في قبضتي ما حملك على هذا قال : فبهت الرجل وقال : حلمك أوقعني فقال له معاوية : فإن عفوت عنك تسترها علي قال : نعم . فعفا عنه وخلى سبيله . وهذا من الحلم الواسع أن يطلب الستر من الجاني وهو عروض قول الشاعر : [ من البسيط ] إذا مرضتم أتيناكم نعودكم * وتذنبون فنأتيكم ونعتذر وحكي عن الربيع مولى الخليفة المنصور قال : ما رأيت رجلاً أربط جأشاً وأثبت جناناً من رجل سعى به إلى المنصور أن عنده ودائع وأموالاً لبني أمية فأمرني بإحضاره فأحضرته إليه فقال له المنصور : قد رفع إلينا خبر الودائع والأموال التي عندك لبني أمية فأخرج لنا منها واحضرها ولا تكتم منها شيئاً فقال : يا أمير المؤمنين وأنت وارث بني أمية قال : لا قال : فوصي لهم في أموالهم ورباعهم قال : لا قال : فما مسألتك عما في يدي من ذلك قال : فأطرق المنصور وتفكر ساعة ثم رفع رأسه وقال : إن بني أمية ظلموا المسلمين فيها وأنا وكيل المسلمين في حقوقهم وأريد أن آخذ ما ظلموا المسلمين فيه فاجعله في بيت أموالهم . فقال : يا أمير المؤمنين فيحتاج إلى إقامة بينة عادلة أن ما في يدي لبني أمية مما خانوه وظلموه فإن بني أمية قد كانت لهم أموال غير أموال المسلمين . قال : فأطرق المنصور ساعة ثم رفع رأسه وقال : يا ربيع ما أرى الشيخ إلا قد صدق وما يجب عليه شيء وما يسعنا إلا أن نعفو عما قيل عنه ثم قال : هل لك من حاجة قال : نعم يا أمير المؤمنين أن تجمع بيني وبين من سعى بي إليك فوالله الذي لا إله إلا هو ما في يدي لبني أمية مال ولا وديعة ولكنني لما مثلت بين يديك وسألتني عما سألتني عنه قابلت بين هذا القول الذي ذكرته الآن وبين ذلك القول الذي ذكرته أولاً فرأيت ذلك أقرب إلى الخلاص والنجاة . فقال : يا ربيع اجمع بينه وبين من سعى به فجمعت بينهما فلما
314
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 314