نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 313
أبداً . ثم دعا بكاتبه فكتب كتاباً إلى واليه بالكوفة أن أنفذ إلي الزرقاء بنت علي مع نفر من عشيرتها وفرسان من قومها ومهد لها وطاء ليناً ومركباً ذلولاً فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها وقرأ عليها فقالت بعد قراءة الكتاب : ما أنا بزائغه عن الطاعة فحملها في هودج وجعل غشاءه خزاً مبطناً ثم أحسن صحبتها فلما قدمت على معاوية قال لها : مرحباً وأهلاً خير مقدم قدمه وافد كيف حالك يا خالة وكيف رأيت سيرك قالت : خير مسير فقال : هل تعلمين لم بعثت إليك قالت : لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى . قال : ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين وأنت بين الصفوف توقدين نار الحرب وتحرضين على القتال قالت : نعم قال : فما حملك على ذلك قالت : يا أمير المؤمنين إنه قد مات الرأس وبتر الذنب والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر والأمر يحدث بعده الأمر . فقال : صدقت فهل تعرفين كلامك وتحفظين ما قلت قالت : لا والله قال : لله أبوك فلقد سمعتك تقولين : أيها الناس إن المصباح لا يضيء في الشمس وإن الكواكب لا تضيء مع القمر وإن البغل لا يسبق الفرس ولا يقطع الحديد إلا بالحديد ألا من استرشدنا أرشدناه ومن سألنا أخبرناه أن الحق كان يطلب ضالة فأصابها فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار فكأنكم وقد التأم شمل الشتات وظهرت كلمة العدل وغلب الحق باطله فإنه لا يستوي المحق والمبطل فمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون فالنزال النزال والصبر الصبر ألا وأن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير الأمور عاقبة ائتوا الحرب غير ناكصين فهذا يوم له ما بعده . يا زرقاء . أليس هذا قولك وتحريضك قالت : لقد كان ذلك قال : لقد شاركت علياً في كل دم سفكه فقالت : أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين وأدام سلامتك . مثلك من يبشر بخير ويسر جليسه فقال معاوية : أوقد سرك ذلك قالت : نعم والله لقد سرني قولك وأنى لي بتصديقه فقال لها معاوية : والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب إلي من حبكم له في حياته فاذكري حوائجك تقض . فقالت : يا أمير المؤمنين إني آليت على نفسي أن لا أسأل أحداً بعد علي حاجة فقال : قد شار علي بعض من عرفك بقتلك فقالت : لؤم من المشير ولو أطعته لشاركته قال : كلا بل نعفو عنك ونحسن إليك ونرعاك فقالت : يا أمير المؤمنين كرم منك ومثلك من قدر فعفا وتجاوز عمن أساء وأعطى من غير مسألة قال : فأعطاها كسوة ودراهم وأقطعها ضيعة تغل كل سنة عشرة آلاف درهم وأعادها إلى وطنها سالمة وكتب إلى والي الكوفة بالوصية بها وبعشيرتها . وقيل : كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أرض وكان له فيها عبيد يعملون فيها وإلى جانبها أرض لمعاوية وفيها أيضاً عبيد يعملون فيها فدخل عبيد معاوية في أرض عبد الله بن الزبير فكتب عبد الله كتاباً إلى معاوية يقول له فيه : أما بعد يا معاوية إن عبيدك قد دخلوا في أرضي فانههم عن ذلك وإلا كان لي ولك شأن والسلام . فلما وقف معاوية على كتابه وقرأه ودفعه إلى ولده يزيد فلما
313
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 313