نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 272
وكان عبيد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما من الأجواد أتاه رجل وهو بفناء داره فقام بين يديه قال : يا ابن عباس إن لي عندك يداً وقد احتجت إليها فصعد فيه بصره فلم يعرفه فقال : ما يدك قال : رأيتك واقفاً بفناء زمزم وغلامك يمتح لك من مائها والشمس قد صهرتك فظللتك بفضل كسائي حتى شربت فقال : أجل إني لأذكر ذلك ثم قال لغلامه : ما عندك قال : مائتا دينار وعشرة آلاف درهم . فقال : ادفعها إليه وما أراها تفي بحق يده . وقدم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما على معاوية مرة فأهدى إليه من هدايا النوروز حللاً كثيرة ومسكاً وآنية من ذهب وفضة ووجهها إليه مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال له : هل في نفسك منها شيء قال : نعم والله إن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف عليهما الصلاة والسلام فضحك عبد الله وقال : خذها فهي لك قال : جعلت فداءك أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيحقد علي قال : فاختمها بخاتمك وسلمها إلى الخازن فإذا كان وقت خروجنا حملناها إليك ليلاً فقال الحاجب : والله لهذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم . وحبس معاوية عن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما صلاته فقيل : لو وجهت إلى ابن عمك عبد الله بن عباس فإنه قدم بنحو ألف ألف فقال الحسين وأنى تقع ألف ألف من عبد الله فوالله لهو أجود من الريح إذا عصفت وأسخى من البحر إذا زخر ثم وجه إليه مع رسوله بكتاب يذكر فيه حبس معاوية صلاته عنه وضيق حاله وأنه يحتاج إلى مائة ألف درهم فلما قرأ عبد الله كتابه انهملت عيناه وقال : ويلك يا معاوية أصبحت لين المهاد رفيع العماد والحسين يشكو ضيق الحال وكثرة العيال ثم قال لوكيله : احمل إلى الحسين نصف ما أملكه من ذهب وفضة ودواب وأخبره أني شاطرته فإن كفاه وإلا احمل إليه النصف الثاني فلما أتاه الرسول قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . ثقلت والله على ابن عمي وما حسبت أنه يسمح لنا بهذا كله رضوان الله عليهم أجمعين . وجاء رجل من الأنصار إلى عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال له : يا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم إنه ولد لي في هذه الليلة مولود وإني سميته باسمك تبركاً بك وأن أمه ماتت فقال له : بارك الله لك في الهبة وآجرك على المصيبة ثم دعا بوكيله وقال له : انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه وادفع لأبيه مائتي دينار لينفقها على تربيته ثم قال للأنصاري : عد إلينا بعد أيام فإنك جئتنا وفي العيش يبس وفي المال قلة فقال الأنصاري : وقال أبو جهم بن حذيفة يوماً لمعاوية : أنت عندنا يا أمير المؤمنين كما قال ابن عبد كلال : [ من الوافر ] يقيناً ما نخاف وإن ظننا * به خير أراناه يقينا نميل على جوانبه كأنا * إذا ملنا نميل على أبينا نقلبه لنخبر حالتيه * فنخبر منهما كرماً ولينا فأمر له بمائة ألف درهم وأنشده عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما : [ من الوافر ] بلوت الناس قرناً بعد قرن * فلم أر غير خيال وقال
272
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 272