نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 206
وسرق بعض حاشية جعفر بن سليمان جوهرة نفيسة وباعها بمال جزيل فأنفذ إلى الجوهريين بصفتها فقالوا باعها فلان من مدة ثم إن ذلك الرجل الذي سرقها قبض عليه وأحضر بين يدي جعفر فلما رأى ما ظهر عليه قال له : " أراك قد تغير لونك ألست يوم كذا طلبت مني هذه الجوهرة فوهبتها لك وأقسم بالله لقد أنسيت هذا ثم أمر للجوهري بثمنها وقال للرجل : خذها الآن حلالاً طيباً وبعها بالثمن الذي يطيب خاطرك به لا تبع بيع خائف . ودخل محمد بن عباد على المأمون فجعل يعممه بيده وجارية على رأسه تتبسم فقال لها المأمون : مم تضحكين فقال ابن عباد : أنا أخبرك يا أمير المؤمنين تتعجب من قبحي وإكرامك إياي فقال لا تعجبي فإن تحت هذه العمامة كرماً ومجداً قال الشاعر : [ من الطويل ] وهل ينفع الفتيان حسن وجوههم * إذا كانت الأعراض غير حسان فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى * فما كل مصقول الحديد يماني وحكي أن بهرام الملك خرج يوماً للصيد فانفرد عن أصحابه فرأى صيداً فتبعه طامعاً في لحاقه حتى بعد عن عسكره فنظر إلى راع تحت شجرة فنزل عن فرسه ليبول وقال للراعي : احفظ على فرسي حتى أبول فعمد الراعي إلى العنان وكان ملبساً ذهباً كثيراً فاستغفل بهرام وأخرج سكيناً فقطع أطراف اللجام وأخذ الذهب الذي عليه فرفع بهرام نظره إليه فرآه فغض بصره وأطرق برأسه إلى الأرض وأطال الجلوس حتى أخذ الرجل حاجته ثم قام بهرام فوضع يده على عينيه وقال للراعي قدم إلي فرسي فإنه قد دخل في عيني من ما في الريح فلا أقدر على فتحهما فقدمه إليه فركب وسار إلى أن وصل إلى عسكره فقال لصاحب مراكبه أن أطراف اللجام قد وهبتها فلا تتهمن بها أحداً . وذكر أن أنوشروان وضع الموائد للناس في يوم نوروز وجلس ودخل وجوه أهل مملكته في الإيوان فلما فرغوا من الطعام جاؤوا بالشراب وأحضرت الفواكه والمشموم في آنية الذهب والفضة فلما رفعت آنية المجلس أخذ بعض من حضر جام ذهب وزنه ألف مثقال وخبأه تحت ثيابه وأنوشروان يراه فلما فقده الشرابي صاح بصوت عال لا يخرجن أحد حتى يفتش فقال كسرى : ولم فأخبره بالقضية فقال قد أخذه من لا يرده ورآه من لا ينم عليه فلا تفتش أحداً فأخذ الرجل الجام ومضى فكسره وصاغ منه منطقة وحلية لسيفه وجدد له كسوة جميلة فلما كان في مثل ذلك اليوم جلس الملك ودخل ذلك الرجل بتلك الحلية فدعاه كسرى وقال له : هذا من ذاك فقبل الأرض وقال : نعم أصلحك الله وقال عبد الله بن طاهر كنا عند المأمون يوماً فنادى بالخادم يا غلام فلم يجبه أحد ثم نادى ثانياً وصاح يا غلام فدخل غلام تركي وهو يقول : ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام إلى كم يا غلام فنكس المأمون رأسه طويلاً فما شككت أنه يأمرني بضرب عنقه ثم نظر إلي فقال : يا عبد الله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه وإذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمه وإنا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لنحسن أخلاق خدمنا . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ورد علينا الوليد بن عتبة بن أبي سفيان المدينة والياً وكأن وجهه ورقة من ورق المصحف فوالله ما ترك فينا فقيراً إلا أغناه ولا مديوناً إلا أدى عنه دينه وكان ينظر إلينا بعين أرق من الماء ويكلمنا بكلام
206
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 206