responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستجاد من فعلات الأجواد نویسنده : القاضي التنوخي    جلد : 1  صفحه : 5


لا جرم أن لكل عصر موازين لأمواله قد لا تشابه عصرا آخر من حيث السعة والضيق والغنى والفقر ، فما تحكم به على قرن بالغنى قد يعد في آخر فقرا . ومهما يكن فألف دينار أو عشرة آلاف درهم هي شيء يعتد به في كل عصر ومصر ، وأمرها سهل في اللفظ صعب عند الجمع من طرق محللة ، وهي لا تخرج عن كونها ذات قيمة إذا صرفت في سبلها المعقولة . ولو منع منها من اعتادوا أخذها بسيف الحياء أو بقوة الاستجداء والاستهواء لحرمها افراد وانتفع بها جماعة . وتحليلنا هذا تحليل مقارب لم نقطع فيه ، ونكتفي بأن نمثل لذلك بما ورد في الكتاب من قصة مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني وما كان الخليفة والأمراء يفيضون عليه من عطاياهم . وكان انقطع إلى البرامكة وهم ما هم في الكرم ثم اتصل بالفضل بن سهل وقرب من قلبه وحظي عنده حتى قلده اعمالا بجرجان اكتسب فيها الف ألف درهم ( نحو خمسين ألف جنيه من الذهب ) فلما حصل المال عنده لزم منزله فأتلف جميع ما اكتسب ، وكان من عادته إذا كسب مالا أن يجمع جمعا من أصحابه فلا يخرج من بيته الا إذا بقي له مما كسب قوت شهر ، فكان ظهوره ظهور خلته ، ولما صار إلى الفضل يستجديه بعد أن أنفق ما أفاده من المال قال له : ألم أغنك ؟ فقال : ما غناي في ألف ألف ، وألف ألف ألف . وما هي قدرك ولا قدري ! فقال له الفضل : أن بيوت الأموال لا تقوم على هذا الفعل ثم قلده الضياع بأصبهان وضم إليه رجلا يأخذ مرافق العمل ويطلق له منها شيئا يحتاج إليه بقدر نفقته ويبتاع له بالباقي ضياعا فاكتسب أيضا الف ألف ابتيع له بها ضياع ، وكان مسلم بن الوليد كسائر الشعراء إذا رضي عن كبير رفعه وادا غضب على آخر خفضه كما فعل مع يزيد بن مزيد . والناس على الأغلب يهابون الشعراء ويقيمون لهم الأعذار في مديحهم وهحائهم ويغتبط كل من ينجو من ألسنتهم ولو بالبذل الكثير . وما كان الشعراء ينتجعون الا من يقدر الشعر قدره وهذه الطائفة تكثر في أصحاب السلطان ، والرعية قلما يهتمون لما يهتم له من تقوم حياتهم على الحظوة والدعاية .

5

نام کتاب : المستجاد من فعلات الأجواد نویسنده : القاضي التنوخي    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست