responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستجاد من فعلات الأجواد نویسنده : القاضي التنوخي    جلد : 1  صفحه : 4


وأيا كان فأخبار الأجواد التي ألم بها مثالا من الخلق العربي شاهد عدل على طبائع من رويت عنهم أمثال معاوية ويزيد ومروان وعبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عامر والمنصور والمهدي والرشيد والمأمون والمعتصم والواثق ، وما أثر عن رجال العباسيين من البرامكة إلى الفضل بن سهل ويزيد بن مزيد ومعن بن زائدة وأبي دلف العجلي وعكرمة الفياض والمهلب بن أبي صفرة ومن اقتص أثرهم من الوزراء والأمراء وسائر الطبقات .
وعرفنا من هذه الأخبار أن آل البيت أجود من السحاب وانهم كانوا إذا أعوزهم المال يتلطفون مع أصحاب الدولة القائمة لتغدقه عليهم وهم يفضلون منه على من يحبون ، وان دهاة السياسة عرفوا استثمار هذا الضعف في خصومهم ، وكان يهون عليهم بذل كل نفيس حتى تنقطع مطالبة المطالبين بالخلافة .
ومن كل أولئك أتانا التنوخي بنموذج من غلو العرب في الكرم الذي بلغوا فيه حدا لا يصدق ، وكيف كانوا يغتبطون إذا ساقوا جميلهم إلى من لا يتوقمون منه الإشادة به إذ الغاية الأولى عندهم البر بالمعوزين والمضيقين والذهاب بطيب الأحدوثة وحسن القالة في الدنيا والأخرى .
ولقد أتى على أصحاب هذه الأخبار بضعة قرون وقل أن قام بعدهم من جرى على هذه الطريقة فبسط اليد بالعطاء وما بالي بما قد يجني على المفرط فيه ، ذلك لأن شروط الحياة اختلفت بخروج الثروة من الحصر في فئة معينة من أصحاب السلطان . وإذا حللنا نفسية أهل تلك القرون بميزان عصرنا يحكم بأن هذا الجود في جملته ضرب من التبذير يفقر صاحبه ويغري آخذه بالتفنن في الاستجداء ، وما كان العرب إلا مفرطين بكرمهم ووفائهم .
نحن نعد اليوم من السفه اعطاء فرد واحد مئات الألوف وهناك ألوف من الخلق المنقولة يومئذ مع قلة أسباب الانفاق . والسلطان إذا وهب فإنما يهب القليل من الكثير ، وبخاصة في أزمان كان الناس لا يسكتون عن صاحب الأمر والنهي إلا إذا سار على هذه الطريقة وهي تقوم بنهب العمال ما تطول أيديهم إليه من مال الرعية والجود على من يرون المصلحة في اعطائهم ، ولنا أن نقول إن الأموال كانت تجبي بالدوانيق وتصرف بالدنانير .

4

نام کتاب : المستجاد من فعلات الأجواد نویسنده : القاضي التنوخي    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست