إسم الكتاب : الصحيح من سيرة الإمام علي ( ع ) ( عدد الصفحات : 353)
بين الإفراط . . والتفريط : وبعد . . فإننا نشعر : أن من الضروري الإشارة هنا إلى ذلك النهج من البحث ، الذي يفرط في الاعتماد على الغيب في فهمه لمواقف الأئمة « صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين » ، وتفسيرها . ويفصلهم عن واقع الحياة وحركتها ، ويصورهم على أنهم يحركون الحياة ، ويتعاملون معها بصورة خفية ، ومن وراء الحجب ، بل إنك تكاد تذكر له أمراً عن إمام حتى يصدمك بالقول بأن ذاك إمام معصوم ، له حكمه الخاص به ، حتى كأن الإمام عنده لا يجوز الائتمام به ، وليس قوله وفعله وتقريره حجة علينا وعلى الناس جميعاً . وذلك إن دل على شيء ، فإنما يدل على أن صاحب هذا النهج يعاني من مشكلة في فهمه للأئمة « عليهم السلام » ، ولدورهم ، الذي رصدهم الله للقيام به ، ألا وهو نفس دور الرسول الأكرم « صلى الله عليه وآله » ، الذي أرسله الله سبحانه مبلغاً ومعلماً ، ومربياً ، وولياً ، وحافظاً ومهيمناً على الواقع العملي ، وقائداً ، وقاضياً ، وحاكماً بالإضافة إلى مهمات صرح بها القرآن الكريم ، ولهج بها النبي العظيم « صلى الله عليه وآله » . كما أنه لم يأخذ بنظر الاعتبار تأكيدات القرآن والرسل على بشريتهم : * ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَ بَشَراً رَسُولاً ، وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الهُدَى إِلاَ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً ) * [1] .