خرج في سنة 127 في العراق وفي السنة التالية ظهر بقوة جبارة فيما بين النهرين . فبعث إليه مروان أولا بابنه وبعد أن استولى على حمص بعد حصار دام أربعة أشهر توجه بنفسه إلى ما بين النهرين وقتل الثائر ( أي الضحاك ) . وكان لا يزال مع الخوارج أربعة آلاف مقاتل فولوا خليفة عليهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري ( أبا دلف ) وبناء على مشورة سليمان بن هشام عاد بهم شيبان إلى الشاطئ الشرقي من نهر دجلة في مواجهة الموصل وكانت المدينة في حوزتهم ويصلهم بها جسر سفن . فعسكر مروان في مواجهتهم على الشاطئ الأيمن . وقضى شهورا طوالا ( في سنة 129 ه ) دون أن يصل إلى نتيجة حاسمة . لكن ما إن استطاع قائده ابن هبيرة أن ينتزع الكوفة من سلطان الخوارج [1] . كتب إليه ليرسل له جيشا لمساعدته ولما لم يستطع الخوارج أن يهزموا هذا الجيش تخلوا عن مراكزهم - وكان ذلك بمشورة سليمان أيضا - في الموصل حتى لا يقعوا بين نارين ومضوا إلى الأهواز وفارس مارين بحلوان وهناك انضموا إلى ابن معاوية الجعفري ( الطبري 2 / 1977 ) . بيد أن العدو طاردهم إلى هناك فتفرقوا . أما سليمان فمضى ومن معه فعبر البحر إلى السند . وأما شيبان فمضى إلى الساحل الشرقي لبلاد العرب وقتل أثناء قتاله مع أمير عمان من بني جلندي وهم أسرة جاهلية قديمة وكان ذلك في سنة 134 هجرية [2] . وهذه الثورة الكبرى قد قربت الخوارج من السلطان في ظروف مواتية تماما أكثر من أية ثورة لهم سابقة ولكنهم سمحوا هذه المرة بدخول عناصر أجنبية أو التحالف مع فرق أخرى تمشيا مع المبدأ القائل : من ليس ضدنا فهو معنا ولكن هذا مبدأ سياسي ولا يتفق مع مذهب الخوارج .
[1] كان ذلك في رواية أبي مخنف ( الطبري 2 / 1946 ) في رمضان سنة 129 ه ولكن لعل هذا التاريخ متأخر عن الواقع نوعا ما . [2] كذا في الطبري ( 3 / 78 ) قارن الطبري ( 2 / 1945 ) ( عبد الوهاب ( ص 1949 ) ( أبو عبيدة ( ص 1979 ) ( المدائني ) . ويقول أبو مخنف ( الطبري 2 / 1948 ) : إن شيبان بن عبد العزيز كان قد قتل في سنة 130 ه في سجستان . ولعله خلط بينه وبين شيبان بن سلمة الحروري الذي قام في ذلك الوقت بحركة في خراسان وقتل في الواقع سنة 130 ه لا في سجستان ولكن في سرخس .