نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 345
وإذا صحب أحدكم الرجل فليستشفّ خلائقه كما يستشفّ الثوب يشتريه لنفسه ، وإذا عرف حسنها وقبيحها أعانه ( 1 ) على ما يوافقه من الحسن ، واحتال لصرفه عما يهوى من القبيح بألطف حيلة وأحسن مداراة ورفقة ، فقد عرفتم أن سائس البهيمة إذا كان حاذقا بسياستها التمس معرفة أخلاقها ، فإن كانت رموحا اتّقاها من قبل رجلها ، وإن كانت جموحا لم يهجها إذا ركبها ، وإذا كانت شبوبا توقّاها من ناحية يدها ، وإن خاف منها عضاضا توقّاها من تلقاء رأسها ، وإن كانت حرونا لم يلاحها بل يتبع هواها في طريقها ، وإذا استمرّت عطفها فسلس عليه قيادها ، وفي هذا الوصف من سائس البهيمة [ في ] رفق سياسته ( 2 ) دليل وأدب لمن ساس الناس وعاملهم وخدمهم وصحبهم ، والكاتب بفضل أدبه وشريف صناعته ولطف حيلته ومعاملته من الناس لمن يحاوره ويناظره ويفهم عنه ويخاف سطوته أولى بالرفق ( 3 ) بصاحبه ومداراته وتقويم أوده من سائس البهيمة التي لا تحير جوابا ، ولا تعرف خطأ ولا صوابا ، إلَّا بقدر ما يصيّرها إليه سائسها أو صاحبها الراكب . فأدقّوا ( 4 ) رحمكم اللَّه في ذلك النظر ، وأعملوا فيه الروية والفكر ، تأمنوا ممن صحبتموه - بإذن اللَّه - النبوة والاستثقال والجفوة ، ويصر منكم إلى الموافقة ، وتصيروا منه إلى المواساة والشفقة ، إن شاء اللَّه . ولا يجوزنّ ( 5 ) الرجل منكم في هيئة مجلسه وملبسه ومركبه ومطعمه ومشربه وبنائه وخدمه وغير ذلك من فنون ( 6 ) أمره قدر صناعته ، فإنّكم مع ما فضّلكم اللَّه به من شرف صناعتكم خدمة لا تحتملون في خدمتكم على التقصير ،
345
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 345