نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 318
وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب الناس ، فإنّ في الناس عيوبا الوالي أحقّ من سترها ، فلا تكشفنّ عما غاب عنك منها ، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك ، واللَّه يحكم على ما غاب عنك ، فاستر العورة ما استطعت يستر اللَّه عليك ما تحبّ ستره من عيبك ، أطلق عن الناس عقدة كلّ حقد ، واقطع عنهم سبب كلّ وتر ، وتغاب عن كلّ ما لا يضح لك ، ولا تعجلنّ إلى تصديق ساع ، فإن الساعي غاشّ ، وان تشبّه بالناصحين . ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر ، ولا جبانا يضعفك عن الأمور ، ولا حريصا يزيّن لك الشره بالجور ، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظنّ باللَّه . شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ، ومن شركهم في الآثام فلا يكوننّ لك بطانة ، فانهم أعوان الأئمة وإخوان الظَّلمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ، ممن لا يعاون ظالما على ظلمه ، ولا آثما على إثمه ، أولئك أخفّ عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحنى عليك عطفا ، وأقلّ لغيرك إلفا ، فاتخذ أولئك ( 1 ) خاصة لخلواتك وجفلاتك ، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ ، وأقلَّهم مساعدة فيما يكون منك مما كره اللَّه لأوليائه واقعا ذلك من هواك حيث وقع ؛ والصق بأهل الورع والصدق ثم رضهم على أن لا يطروك ، ولا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فان كثرة الإطراء تحدث الزهو وتدني من الغرّة . ولا يكوننّ المحسن والمسيء عندك بمنزلة واحدة ، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان ، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة ، وألزم كلَّا منهم ما ألزم نفسه ، واعلم أنه ليس شيء أدعى إلى حسن ظنّ وال برعيته من إحسانه إليهم وتخفيفه المؤونات عنهم ، وترك استكراهه إياهم على ما ليس له
318
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 318