responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 317


مثل الذي تحبّ أن يعطيك اللَّه من عفوه وصفحه فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك ، واللَّه فوق من ولاك ، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم .
ولا تنصبنّ نفسك لحرب اللَّه ، فإنه لا يدلك بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته ، ولا تندمنّ على عفو ، ولا تبجحنّ بعقوبة ، ولا تسرعنّ إلى بادرة وجدت عنها مندوحة ، ولا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع ، فإن ذلك إدغال في القلب ، ومهلكة ( 1 ) للدين وتقرّب من الغير ، فإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة ومخيلة ، فانظر إلى عظم ملك اللَّه عزّ وجل فوقك ، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك ، ويكفّ عنك من غربك ( 2 ) ، ويفيء إليك بما عزب عنك من عقلك . وإياك ومساماة اللَّه في عظمته والتشبه به في جبروته ، فإن اللَّه يذلّ كلّ جبار ، ويهين كلّ مختال . أنصف اللَّه وأنصف الناس من نفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك ، فإنك إلَّا تفعل تظلم ، ومن ظلم عباد اللَّه كان اللَّه خصمه دون عباده ، ومن خاصمه اللَّه أدحض حجّته ، وكان للَّه حربا حتى يرجع ويتوب ، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة اللَّه وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم .
وليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحقّ ، وأعمّها في العدل ، وأجمعها لرضى الرعية ، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة ، وانّ سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة ، وليس أحد من الرعيّة أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء وأقلّ معونة له في البلاء وأكره للانصاف وأسأل بالإلحاف ، وأقلّ شكرا عند الإعطاء وأبطأ عذرا عند المنع ، وأضعف صبرا عند ملمّات الدهر من أهل الخاصة ، وإنما عمود الدين وجماع المسلمين والعدّة للأعداء العامة من الأمة ، فليكن صغوك [ لهم ] وميلك معهم .

317

نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست