نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 189
الخلافة دعا سالم بن عبد اللَّه ، ومحمد بن كعب القرظي ، ورجاء بن حيوة فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا عليّ ، فعدّ الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة ، فقال له سالم بن عبد اللَّه : إن أردت النجاة من عذاب اللَّه فصم الدنيا وليكن إفطارك فيها الموت ، وقال له محمد بن كعب : إن أردت النجاة من عذاب اللَّه فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقّر أباك وأكرم أخاك وتحنّن على ولدك ، وقال له رجاء بن حيوة : إن أردت النجاة من عذاب اللَّه فأحبّ للمسلمين ما تحبّ لنفسك أو اكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت فإني أخاف عليك أشد الخوف يوم تزلّ الأقدام . فهل معك مثل هذا ، أو من يشير عليك ( 1 ) بمثل هذا ؟ فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه ، فقلت : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أمّ الربيع تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به أنا ؟ ! ثم أفاق فقال له : زدني رحمك اللَّه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أنّ عاملا لعمر بن عبد العزيز شكا إليه كثرة النوم فكتب إليه عمر : يا أخي أذكَّرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، فإنه ( 2 ) يطرد بك إلى ربك نائما أو يقظان ، وإياك أن ينصرف بك من عند اللَّه فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء . قال : فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر ، فقال له : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، ولا أعود لولاية حتى ألقى اللَّه تعالى ، قال : فبكى هارون بكاء شديدا ، ثم قال له : زدني رحمك اللَّه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن العباس عمّ المصطفى جاء إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فقال : يا رسول اللَّه أمّرني على إمارة ؟ فقال له النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنّ الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل ، فبكى هارون بكاء شديدا ،
189
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 189