نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 413
غدوات الصيف طيّبة النسيم ، فركضه برجله وقال : مالك تنام عن الدنيا في أطيب أوقاتها ؟ نم عنها في أخبث حالاتها ، نم نصف النهار لبعدك من الليلة الماضية والجائية ، ولأنها راحة لما قبلها من التعب ، وجمام لما بعدها من العمل ، نمت في وقت الحوائج وتنتبه في وقت رجوع الناس ، وقد جاء : قيلوا فإن الشياطين لا تقيل . [1059] - وكان رجل من العرب في الجاهلية إذا رأى رجلا يظلم ويعتدي يقول : فلان لا يموت سويا فيرون ذلك ، حتى مات رجل ممن قال فيه ذلك سويّا ، فقيل له مات فلان سويا ، فلم يقبل حتى تتابعت الأخبار ، فقال : إن كنتم صادقين إن لكم دارا سوى هذه تجازون فيها . [1060] - قال زياد : ما غلبني معاوية بشيء من أمر السياسة إلَّا في شيء واحد ، قيل ما هو ؟ قال : وليت رجلا دستميسان فكسر عليّ الخراج ، وهرب فلحق بمعاوية ، فكتبت إليه أسأله أن يبعث به ، فكتب إليّ : أما بعد ، فإنه ليس لمثلي ومثلك أن نسوس الناس بسياسة واحدة ، أن نشتدّ عليهم جميعا فنخرجهم ، أو نلين لهم فنمرجهم ، ولكن تلي أنت الفظاظة والغلظة ، وألي أنا الرأفة والرحمة ، فإذا هرب هارب من باب وجد بابا يدخل فيه ؛ ولقد نظر معاوية لنفسه واختار أخفّ السياستين وأحبّهما إلى الناس . [1061] - ويشبه هذا ما روي عنه أنه قال : إذا لم يكن الهاشميّ جوادا لم يشبه قومه ، وإذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه قومه ، وإذا لم يكن المخزوميّ تيّاها لم يشبه قومه . فبلغ ذلك الحسن بن عليّ فقال : ما أجود ما