نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 180
وحرموه 1 ، ولقد نزلت بكم البلية جائلا خطامها 2 ، رخوا بطانها 3 فلا يغرنكم ما أصبح فيه أهل الغرور ، فإنما هو ظل ممدود إلى أجل معدود 4 . وقد تكرر منه المقارنة بين حال أصحابه وحال أصحاب رسول الله ( ص ) في عدة مواقف . وكان يرى في طريقة مواجهة أصحابه للفتنة الآتية نذر انتصار هذه الفتنة من بعده ، وقد كشف عن رؤيته هذه لمجتمعه في عدة مواقف ، منها قوله : . . . أما والذي نفسي بيده ، ليظهرن هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنهم أولى بالحق ، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، وإبطائكم عن حقي . ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي ، استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا 5 . ويكشف هذا النص - كغيره من النصوص المماثلة له - عن أن انتصار الفتنة لم يكن في تقدير الإمام عليه السلام وتحليله ناشئا من قدر غيبي ، وإنما نشأ من توفر الأسباب الموضوعية على أرض الواقع السياسي والاجتماعي الذي كانت عوامله تتفاعل في المجتمع السياسي المواجه للفتنة . لقد فقد هذا المجتمع فاعليته ، وتخلى عن روح الكفاح في مواجهة الفتنة ، وانفصل عمليا عن قيادته فسقط في السلبية ، وآثر الحياة السهلة الخالية من تبعات الرسالة والجهاد . ومن ذلك قوله عليه السلام :
( 1 ) أصفيتم . . خصصتم به دون غيركم . ( 2 ) الخطام ما جعل في أنف البعير ليقاد به ، فإذا لم يكن ثمة قائد تاه البعير ولم يسلك طريق السلامة ، كنى بذلك عن الفتنة التي تعيث فسادا في المجتمع . ( 3 ) البطان : حزام يجعل تحت بطن البعير ليحفظ استقرار ما عليه من راكب أو حمل فإذا استرخى أدى ذلك إلى خطر السقوط . كنى بذلك عن أخطار الفتنة . ( 4 ) نهج البلاغة ، الخطبة رقم : 89 . ( 5 ) نهج البلاغة ، الخطبة رقم : 97 .
180
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 180