نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 179
3 - انتصار حركة الردة لا نعني بالردة هنا الردة الدينية عن الإسلام ، فقد سبق أن رأينا التوجيه النبوي لعلي حين سأل رسول الله ( ص ) : فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال ( ص ) بمنزلة ( فتنة ) . وإنما نعني الردة السياسية والفكرية . فإن الفتنة حين انتصرت سياسيا بعد استشهاد أمير المؤمنين علي راحت تمكن لنفسها بفرض قيمها الفكرية والاجتماعية في الثقافة العامة ، وتطبع العلاقات في داخل المجتمع بطابعها . * لقد كان الإمام يرى ببصيرته النافذة أن الفتنة ستنتصر ، وكانت هذه الرؤية إحدى مسببات ألمه العميق . وكان يرى أن الفتنة لا تقاوم إلا بالكفاح ، أما السكوت عنها ومهادنتها فيتيحان الفرصة أمامها لكي تنتصر . وكان يؤرقه أن مجتمعه ، لأسباب شتى ، آثر أن يواجه الفتنة بالسكوت عنها ، أو - بعبارة أخرى - آثر ألا يواجه الفتنة الآتية . وكان يقارن بين أصحابه وبين أصحاب رسول الله ( ص ) ، فيريهم أن التوجيه الثقافي واحد ، وأن القيادة واحدة ، ولكنه يرى أن درجة الإخلاص متفاوتة : . . . والله ما أسمعكم الرسول شيئا إلا وها أنا ذا مسمعكموه ، وما أسماعكم اليوم بدون أسماعكم بالأمس ، ولا شقت لهم الأبصار ، ولا جعلت لهم الأفئدة في ذلك الزمان ، إلا وقد أعطيتم مثلها في هذا الزمان . ووالله ما بصرتم بعدهم شيئا جهلوه ، ولا أصفيتم به
179
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 179