نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 176
سألت رسول الله ( ص ) عنها ؟ فقال عليه السلام : إنه لما أنزل الله سبحانه قوله ( ألم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) 1 علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله ( ص ) بين أظهرنا . فقلت : يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها ؟ فقال : ( يا علي ، إن أمتي سيفتنون من بعدي ) ، فقلت : يا رسول الله ، أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين ، وحيزت 2 غني الشهادة ، فشق ذلك علي ، فقلت لي : ( أبشر ، فإن الشهادة من ورائك ) فقال لي : ( إن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذن ؟ ) فقلت : يا رسول الله : ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والشكر . وقال : ( يا علي ، إن القوم سيفتنون بأموالهم ، ويمنون بدينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة ، والأهواء الساهية ، فيستحلون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ) قلت : يا رسول الله : فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال : ( بمنزلة فتنة ) 3 . وإذن ، فقد كان الإمام مرصودا لمواجهة الفتنة وفضحها . لقد كان منقذ الإسلام بعد رسول الله ( ص ) من التزييف والتحريف ، فحقق بمواجهته للفتنة صيغة الإسلام الصافي ، في المعتقد والفكر والتشريع والعمل ، وغدت الفتنة أزمة في داخل الإسلام ، ولم تفلح في أن تكون هي الإسلام . وقد عبر الإمام في أكثر من مقام عن دوره العظيم الفريد في التاريخ ، من حيث كونه القيادي الوحيد الذي استطاع أن يواجه الفتنة ويفضحها ، فقال مما قال : . . . فإني فقأت عين الفتنة 4 ، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري ، بعد أن ماج غيهبها 5 واشتد كلبها 6 .
( 1 ) سورة العنكبوت ( مكية - 29 ) الآية : ا و 2 . ( 2 ) جاز عنه الشئ : أبعده عنه . ( 3 ) نهج البلاغة ، الخطبة رقم : 156 . ( 4 ) فقأت عين الفتنة : تغلبت عليها . ( 5 ) الغيهب : الظلمة . يعني أني واجهتها في عنفوانها وقوتها . ( 6 ) الكلب : داء معروف يصيب الكلاب . يعني أنه واجهها وهي في هذه الحالة عن الأذى والشر الشديدين . والخطبة في نهج البلاغة ، رقم : 93 .
176
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 176