نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 177
لقد حدثت داخل الإسلام فتن كثيرة ، ولكن أعظم هذه الفتن خطورة وأشدها تخريبا فتنة بني أمية التي عصفت رياحها السوداء الشريرة المجتمع الإسلامي منذ النصف الثاني من عهد عثمان ، وتعاظمت خطورتها بعد مقتله . واستغرقت مواجهتها الفكرية والسياسية والعسكرية معظم جهود أمير المؤمنين علي في السنين الأخيرة من حياته . وقد كان الإمام يغتنم كل فرصة سانحة ليحدث مجتمعه عن هذه الفتنة ، ويبين له أخطارها الآنية والمستقبلية من أجل إيجاد المناعة النفسية منها ، والوعي العقلي لأخطارها ، والعزم العملي على مواجهتها وقمعها ، والتصميم على رفضها حتى بعد انتصارها . قال عليه السلام ، إن الفتن إذا أقبلت شبهت 1 ، وإذا أدبرت نبهت ، ينكرن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، يحمن حوم الرياح ، يصبن بلدا ، ويخطئن بلدا . ألا وإن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية ، فإنها فتنة عمياء مظلمة ، عمت خطتها 2 وخصت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها 3 . فهي فتنة عمت بليتها لأن روادها الحكام أنفسهم ، ومن ثم فشرورها السياسية والفكرية تشمل المجتمع كله . وهي فتنة خصت بليتها لأن أعنف ضرباتها ستوجه إلى الصفوة المؤمنة الواعية التي بقيت سليمة من داء الفتنة ، ووضعت نفسها في مواقع كفاح الفتنة الغالبة . والمسؤولية في هذه الفتنة ملقاة على المبصرين فيها ، الذين يعرفونها ويعرفون وجه الحق ويجبنون عن مواجهتها ، أو يتواطؤون ، ضد الحق ، معها . أما من عمي عنها ، وجهل أبعادها وأخطارها فهو معذور بجهله .
( 1 ) شبهت : اشتبه فيها الحق بالباطل ، وإذا أدبرت وخلص الناس منها تميز حقها من باطلها . ( 2 ) عمت خطتها : يعني أنها فتنة غالبة تصيب ببلائها أهل الحق . ( 3 ) نهج البلاغة : الخطبة رقم : 93 .
177
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 177